وبشكل عام، فإن تاريخ حركة أحباء صهيون هو تاريخ مصغر للصهيونية ككل. ولعل الاختلاف الأساسي هو إدراك الحركة الصهيونية بعد هرتزل حتمية الاعتماد على الإمبريالية الغربية لوضع المشروع الصهيوني موضع التنفيذ، في الوقت الذي سقط فيه أحباء صهيون في وَهْم الاعتماد الذاتي. ويُلاحَظ وجود عدة تيارات داخل الحركة أصبحت من أهم التيارات في الحركة الصهيونية: تيار عام يتزعمه ليلينبلوم يدعو إلى إنشاء المستوطنات وحسب دون الإصرار على أية ديباجات، ثم تياران يمثلان الخطاب الإثني أولهما التيار الإثني العلماني ويمثله آحاد هعام، وتيار إثني ديني يتزعمه موهيليفر. ويُلاحَظ أن هذين التيارين، رغم تعارضهما الظاهري، استمرا يعملان جنباً إلى جنب.
مؤتمر كاتوفيتش
Kattowitz Conference
مؤتمر لجمعيات أحباء صهيون عُقد عام ١٨٨٤ في روسيا بمدينة كاتوفيتش (الآن في بولندا) . وقد طُرح اقتراح بأن يُعقَد الاجتماع في الأستانة حتى يتم إقناع السلطات العثمانية بأن الصهيونية ليست تابعة للقوى الغربية، ولكن الاقتراح هُزم إذ اتضح للجميع أنه ليس من المتوقع أن توافق السلطات العثمانية على الاقتراح. فوقع الاختيار على كاتوفيتش لأنها في الوسط بين الشرق والغرب في جزء من بولندا كانت تحكمه ألمانيا.
وكان الدافع لعقد المؤتمر هو الإحساس بضرورة وجود هيئة مركزية تعمل على تنسيق أنشطة الجمعيات المختلفة لأحباء صهيون. ويُعَدُّ بنسكر صاحب الفضل الأساسي في الدعوة والإعداد لهذا المؤتمر، وكان قد أشار في كتابه الانعتاق الذاتي إلى ضرورة عَقْده.
وقد سبقت المؤتمر عدة محاولات لتشكيل هيئة مركزية، فحاول موهيليفر عام ١٨٨٣ اختيار لجنة مركزية، وعقد مؤتمراً محدوداً لهذا الغرض في بيالستوك، ولكن اللجنة المنتخبة كانت خاملة تماماً وهو ما دفع جمعية بناي بريت إلى تنظيم مؤتمر آخر في سبتمبر من العام نفسه، ولكنه لم يحقق نجاحاً يُذكَر.