للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن أحداث عام ١٨٧١ في أوديسا زعزعت إيمانه. ومع تعثُّر التحديث وصدور قوانين مايو ١٨٨٢، تغيَّر موقفه بشكل جوهري وعدل عن كثير من آرائه، وبدأ الشك يساوره في مقدرة الاستنارة وحدها على حل مشاكل اليهود. وفي عام ١٨٨١، وفي أحد اجتماعات جماعة تنمية الثقافة، طالب بنسكر بالعدول عن هذه السياسة واقترح إعادة توطين اليهود في وطن واحد. وبدأ بنسكر في التجوال في عواصم أوربا للدعوة لفكرته بشأن الدولة الصهيونية، فقابل الحاخام أدولف جلينك، حاخام فيينا الأكبر وصديق أبيه، فأشار هذا عليه بإخضاع نفسه للعناية الطبية. وقابل زعماء الأليانس وبعض القادة اليهود ولكنهم عارضوه. ومع هذا، فقد ألف بالألمانية كراسة الانعتاق الذاتي: تحذير من يهودي روسي لإخوته (١٨٨٢) الذي نُشر دون ذكر اسم المؤلف لأنه كان مُوجَّهاً أساساً إلى يهود الغرب. والكراس يأخذ شكل المانفستو، ولذلك فإنه خال من أيِّ عمق.

ويتميَّز كراس بنسكر بأنه لا ينظر إلى اليهود من الداخل باعتبارهم جماعة مستقلة (كما يفعل بعض مثقفي يهود اليديشية) وإنما ينظر إليهم من الخارج كما ينظر إليهم الصهاينة غير اليهود. وقد تعلَّم بنسكر تعليماً غربياً وكان ذا هوية غربية، واليهود واليهودية بالنسبة إليه موضوعا للدراسة أساسا، وهوية فرضت عليه فرضا من الخارج. وعلى أية حال، فبالإمكان تصنيفه على أنه صهيوني يهودي غير يهودي.

<<  <  ج: ص:  >  >>