ومن أهم إنجازات سمولنسكين علمنته مفهوم إرتس يسرائيل الديني بحيث تحوَّلت إلى مجرد أرض. فهو يتحدث عن ضرورة العودة للأرض لأسباب صوفية محضة مثل الارتباط الأزلي بين اليهود والأرض المقدَّسة، ثم يضيف مزايا عملية أخرى مثل أن الأرض ليست بعيدة عن مساكن اليهود، وأن رمالها ذات نوعية عالية الأمر الذي يساعد على ازدهار الاستيطان اليهودي وذلك بإقامة مصانع زجاج، ويضيف كذلك أن التجارة والزراعة والصناعة ستزدهر فيها (وهذه بدايات الديباجة الاشتراكية) . كما أن موقع الأرض سيجعلها تتحول إلى مركز تجاري يربط أوربا بآسيا وأفريقيا كما كانت منذ زمن بعيد (وهذه أيضاً بدايات عرض الدولة اليهودية كدولة وظيفية تقام للدفاع عن مصالح الاستعمار الغربي) . وهذا الخطاب المراوغ، متعدد الدلالات، هو إحدى سمات الخطاب الصهيوني بحيث تصبح كلمة «الأرض» ذات دلالة دينية للمتدين وذات قيمة استثمارية لمن ينشدون الربح. ولكن حين وصل إلى مستوى الإجراءات والتنفيذ، لم يكن سمولنسكين على المستوى نفسه من الحداثة إذ توجَّه للأثرياء الروس ولم يتوجَّه للعالم الغربي الاستعماري رغم معرفته بالصهاينة غير اليهود. ولعل تاريخ الصهيونية بعد ذلك هو الانتقال من توجهات أحباء صهيون التسللية اعتماداً على دعم أثرياء الغرب إلى الاعتماد على الاستعمار الغربي لوضع المشروع الصهيوني موضع التنفيذ.