للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد موت هرتزل، عُرضت عليه رئاسة المنظمة الصهيونية العالمية، ولكنه رفض ذلك لأسباب عدة من بينها أنه كان متزوجاً من مسيحية وآثر أن يظل مستشاراً سياسياً لحلفاء هرتزل. وقد بدأ نجمه يخبو باستيلاء العناصر التي يُطلَق عليها «العناصر العملية» (من شرق أوربا) وهي العناصر المهتمة بالاستيطان التسللي أكثر من اهتمامها بالمفاوضات الدبلوماسية مع القوى الاستعمارية. وحينما اختار المؤتمر العاشر (١٩١١) لجنة تنفيذية من أعضاء "عمليين"، كان هذا آخر مؤتمر يحضره. ولكنه في عام ١٩٢٠، أي بعد وعد بلفور، حضر المؤتمر الصهيوني في لندن.

كان نوردو يعتبر نفسه تلميذاً لهرتزل، ويصف كتابه دولة اليهود بأنه عمل عظيم ونبوءة وبأنه "كتاب سيحل محل العهد القديم"، ويمكن القول بأنه كان وريث هرتزل الحقيقي، أي وريث الصهيونية الدبلوماسية، وهو من أهم المساهمين في صياغتها. وقد كان نوردو صهيونياً دبلوماسياً متطرفاً لا يميل إلى الصياغة الإثنية (دينية كانت أو علمانية) ، ولا إلى الصياغة العمالية الاشتراكية، فقد كان صهيونياً يهودياً غير يهودي يؤمن بكفاية الصياغة الدبلوماسية. وكان يرى الصهيونية حركة لإخلاء أوربا من اليهود بنقلهم إلى أي مكان وفي أقصر وقت. وقد ظل طوال حياته يهاجم التيارات الصهيونية الأخرى، فهاجم بطبيعة الحال حركة أحباء صهيون الاستيطانية التسللية، كما هاجم دعاة الصهيونية الإثنية بشقيها الديني واللا ديني، وبيَّن أن إنشاء مركز روحي لن يحل مشكلة اليهود في العالم. وسَخر من العصبة الديموقراطية وشعاراتها ونشاطها. وأخيراً، فقد بيَّن أن العدالة تتحقق من داخل الصهيونية، ولا حاجة لها بالصهيونية الاشتراكية، وحذر اليهود من خيبة الأمل في الحركات الثورية.

<<  <  ج: ص:  >  >>