وقد طوَّر نوردو صورة المارانو المجازية واستخدم صورة مجازية بيولوجية عضوية إذ شبَّه اليهود بالبكتيريا: كائنات دقيقة لا تراها العين ولكنها في واقع الأمر تقوِّض المجتمع من الداخل وتَفُت في عضده، وذلك إن لم تُعرَّض للشمس (أي إن لم تُرحَّل إلى أرض الميعاد (
وكان نوردو من أكثر المفكرين الصهاينة إيماناً بعدالة معاداة اليهود ووجاهتها. وكان، مثل هرتزل، لا يعرف عن اليهودية إلا القليل، بل كان يرى أنها شيء مقزز وأنها هي المسئولة عن مصيبة اليهود. ولذا، فإن الحل هو الصهيونية التي ستريح أوربا من اليهود وتمنحهم هوية جماعية جديدة. والصهيونية تختلف تماماً عن الدين اليهودي والتطلعات المشيحانية، فهي نابعة من داخل المجتمع الغربي، أي من المسألة اليهودية ومن ظاهرة معاداة اليهود، وهي الحل الحديث لمشكلة حديثة لا علاقة لها بالأوهام الدينية. فالصهيونية تعرض حل المسألة اليهودية في إطار السياسة العالمية (أي الإمبريالية) عن طريق نقلهم إلى فلسطين حيث سيتخلصون من صفاتهم الطفيلية ويتحولون إلى شعب مثل كل الشعوب ويكتسبون هوية عادية، وبذا يتحول الشعب المنبوذ أو الطبقة المنبوذة إلى جزء لا يتجزأ من الحضارة الغربية (مادة استيطانية بيضاء) عن طريق إلحاقها بالمشروع الاستيطاني الغربي. وفي المجتمع الصهيوني، سيظهر الإنسان اليهودي الجديد الذي لا علاقة له بيهود المنفى، فهذا هو اليهودي، ذو العضلات، الذي كان يُبشر به هرتزل.