١ ـ ظل نوردو يتحرك في إطار الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة قبل تهويدها، أي أنه صهيوني يهودي غير يهودي ينظر لليهود من الخارج تماماً مثل الصهاينة غير اليهود. ولم يدرك نوردو أن عمومية الصيغة الشاملة أدخلها طريقاً مسدوداً عقيماً وأن المادة البشرية المستهدفة لن تقبلها، وبالتالي فلابد من تهويدها. وهذا ما فعلته الصهيونية التوفيقية التي استوعبت الاتجاه الدبلوماسي التوطيني والاتجاه الاستيطاني وأدخلت عليهما الديباجات الصهيونية الإثنية، الدينية والعلمانية.
٢ ـ لم يدرك نوردو أبداً أهمية الصمت وعدم الإفصاح. فهو من دعاة الحد الأقصى العلني والحل الفوري الشامل للمسألة اليهودية، ولعله كان في عجلة من أمره لأنه يهودي غير يهودي يود أن يُوطِّن الفائض البشري خارج أوربا ليستريح ويريح، ثم يعاود بعد ذلك حياته واندماجيته. ولذلك، فقد عارض المنظمة الصهيونية حين وافقت على سلخ شرق الأردن من المنطقة المخصصة للوطن القومي اليهودي، فقد كان يرى شرق الأردن مجالاً للتوسع السكاني يمكن أن تُوطِّن فيه ملايين اليهود. والواقع أن خطته لتغيير التركيب السكاني لفلسطين (بشكل جذري وفوري) هي أيضاً تعبير عن الموقف نفسه والعجلة نفسها. وهو، بهذا، يكون الأب الحقيقي للصهيونية التصحيحية ذات الديباجة اليمينية الصريحة، والتي تهدف إلى تخليص أوربا من اليهود وإلى تطبيع اليهود والدولة اليهودية، حتى يستريح الجميع، وضمنهم اليهود أنفسهم من وضع اليهود المتميِّز!
عاد نوردو إلى باريس عام ١٩٢٠، ومات عام ١٩٢٣ بعد مرض طويل. وقد نُقلت رفاته بعد ثلاث سنوات إلى تل أبيب حيث أُطلق اسم «تلة نوردو» على قسم من المدينة. وفي عام ١٩٤٣، نشرت ابنته سيرة حياته، كما نُشرت أعماله الكاملة بالعبرية.