للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتتبدَّى مرونة وايزمان العلنية ومقدرته على استخدام الخطاب الصهيوني المراوغ في تصريحه عام ١٩٣١ بأن وجود أغلبية يهودية في فلسطين ليست مسألة ضرورية، وقد صرح بهذا من قبيل تهدئة الخواطر ولكنه كان يؤمن بأنه ستكون هناك أغلبية يهودية في نهاية الأمر من خلال الجهد البطيء الذي يخلق حقائق جديدة، من خلال بناء منزل وراء منزل ودونم وراء دونم، ومستوطنة بعد مستوطنة. والواقع أن خلق الحقائق الجديدة أصبحت الإستراتيجية المستقرة للصهيونية، ولكن يبدو أن ذلك كان يتم هذه المرة عَبْر الخط الأحمر دون أن يدري، وأن حجم المراوغة كان أكبر مما يتحمل الصهاينة، ولذا فقد كلَّفه هذا التصريح رئاسة المنظمة. ولكن، مع هذا، تم اختيار صديقه الحميم سوكولوف خلفاً له، فالخلاف لم يكن جوهرياً وإنما كان خطأ خاصاً بطريقة التعبير.

ومع صعود هتلر للسلطة، زاد عدد المهاجرين اليهود إلى فلسطين وزاد حجم رأس المال اليهودي فيها. وأعيد انتخاب وايزمان للرئاسة عام ١٩٣٥. وكان وايزمان من المؤمنين بضرورة ترك يهود أوربا لمصيرهم على أن يتركز الجهد الصهيوني على تهجير بعض العناصر اليهودية التي ستساهم في بناء المُستوطَن الصهيوني. وتظهر مرونة وايزمان مرة أخرى عام ١٩٣٧ حينما طُرحت فكرة تقسيم فلسطين إذ قبله رغم صغر حجم الجزء الممنوح للدولة اليهودية لأن قبول الحد الأدنى علنياً لا يعني عدم المقدرة على العمل في الخفاء للحصول على الحد الأقصى "وصحراء النقب" التي لم تكن جزءاً من الدولة اليهودية حسب خطة التقسيم "لن تفر"، حسب قوله، بل هي باقية يمكن الاستيلاء عليها فيما بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>