ولقد أطلق بن جوريون على جابوتنسكي اسم «تروتسكي الحركة الصهيونية» ، وهذا يعني أنه شخص يصر على الحد الأقصى والحلول الشاملة ويجاهر بذلك ولا يدرك طبيعة المرحلة متجاهلاً أن من الممكن تحقيق الشيء نفسه ببطء مع إطلاق شعارات هادئة جميلة عن الأخوة والتضامن. ولعل هذا يفسر نجاح العماليين فيما فشل فيه جابوتنسكي. فتاريخ الاستيطان (بشقيه الزراعي والعسكري) هو تاريخ الصهيونية العمالية.
ولا يعني هذا أن أتباع جابوتنسكي لم يلعبوا دوراً في تأسيس الدولة، فقد استمروا في جهودهم الاستيطانية العسكرية التي كانت تستفيد منها المؤسسة العمالية في نهاية الأمر. ولم يَدُم انشقاقهم طويلاً على كل حال، فقد مات جابوتنسكي عام ١٩٤٠ وحل محله بيجين في قيادة هذا الاتجاه. وفي منتصف الأربعينيات، بدأ التعاون مرة أخرى مع العماليين، وعادت المنظمة الصهيونية الجديدة إلى صفوف المنظمة الأم عام ١٩٤٦ بعد أن أصبح موقفهما متفقاً تجاه كل القضايا، واشترك الجميع في المؤتمر الصهيوني الثاني والعشرين (١٩٤٦) . وتُعَدُّ مذبحة دير ياسين، وهي من أكثر العمليات الإرهابية الصهيونية اتقاناً ونجاحاً، ثمرة هذا التعاون، إذ قام بها فريق من جماعة الأرجون ذات التوجه التصحيحي بالتعاون مع الهاجاناه التي يسيطر عليها العماليون. وقد استنكر الصهاينة العماليون هذه العملية الإرهابية، ولكن من الثابت تاريخياً أنه تم التنسيق المسبق بشأنها بين الاتجاهين الصهيونيين الاستيطانيين. وقد صدرت أعمال جابوتنسكي الكاملة بالعبرية في إسرائيل.