نشر هس عام ١٨٦٢ كتاباً كان عنوانه الأصلي حياة إسرائيل، ولكنه عدَّل هذا الاسم وسماه روما والقدس. وتَردُّده بين الاسمين ذو دلالة، فالعنوان الأول ديني حلولي صريح وله بُعْد يهودي خالص، أما الثاني فهو حلولي غربي استعماري. وروما التي يشير إليها هس هي روما الثالثة التي كان يشير لها ماتزيني والتي ستُؤسَّس عن طريق بعث القومية الإيطالية، فهو يرى أن ثمة علاقة بين بعث روما في أوربا وبعث القدس في الشرق، ويرى أن ثمة علاقة بين الحركة القومية العضوية والحركة الصهيونية. ويتحدث الكتاب عن الثورة الفرنسية كمَعْلَم أساسي في تاريخ الغرب، فهي تشكل بعثاً اجتماعياً سيؤيد المشروع الاستعماري الصهيوني في الغرب، أي أن هس قام في البداية بتصنيف الصهيونية تصنيفاً صحيحاً لا باعتبارها حركة تنبع من داخل ما يُسمَّى «التاريخ اليهودي» وإنما باعتبارها ظاهرة تنبع من حركيات التاريخ الغربي الاستعماري. والكتاب عبارة عن اثنتي عشرة رسالة إلى سيدة حزينة على فَقْد إنسان تحبه، ولعل هذا يفسر عدم ترابط الأفكار كما يفسر العاطفية الزائدة، وهو كتاب سطحي بشكل عام في أطروحاته ورؤيته السياسية.
يتفق هس مع النقد المعادي لليهودية ولما يسمَّى «الشخصية اليهودية» . وقد صرَّح في بداية حياته بأن شريعة موسى ماتت وأن اليهود إذا كان عليهم أن يختاروا ديناً فهو المسيحية فهي أكثر ملاءمة للعصر الحاضر، فهي دين يهدف إلى توحيد كل الشعوب وليس توحيد شعب واحد (كما هو الحال في اليهودية) . ورغم أن هس لم يَتنصَّر إلا أنه لم يكن معارضاً تماماً لفكرة التعميد، فالدين اليهودي أصبح، على حد قول هايني، مصيبة أكثر منه ديناً خلال الألفي عام الماضية. بل إن كل الأديان إن هي إلا خطأ إنساني جماعي والدين إن هو إلا تعبير عن حالة مرضية.