ولكن التعريف العرْقي ليس التعريف الوحيد وإن كان هو الأساس. والواقع أن ثمة إشارات في الكراسة تدل على أنه يرى أن الوحدة بين اليهود إثنية (ثقافية) أيضاً على طريقة القومية العضوية، فهو يقول إن هويته القومية ترتبط بتراث أسلافه وبالأرض المقدَّسة وبالمدينة الخالدة. ويرى هس أن ثمة ترابطاً عضوياً عميقاً بين الهوية اليهودية والدين اليهودي، فالدين أهم أشكال التعبير عن هذه الهوية، أي أنه يرى الدين مكوناً إثنياً وشكلاً من أشكال الفلكلور. ولذا، فقد اقترح هس عدم إدخال أية تغييرات عليه. واستنكر محاولات اليهود الإصلاحيين تحويل اليهودية إلى شيء عالمي أو إلى نسخة ثانية من المسيحية، فهي محاولة محكوم عليها بالفشل لأن اليهودية الإصلاحية لا تُبدي أي شكل من أشكال الاحترام للمقومات الأساسية للقومية الدينية التي تشكل جوهر الدين. فاليهودية دين عقيدة ودين عبادة قومية (على عكس المسيحية) ، ولذا فهو يشير دائماً إلى «دين اليهود التاريخي» ، أي دين يتبدَّى في الحياة القومية والتاريخية لليهود، والذي لا وجود له كمجموعة من القيم المطلقة المُتجاوزة لهذه الحياة المُنزَّهة عنها.
ويَقرن هس بين الروح المقدَّسة والعبقرية الخلاقة للشعب ويُوحِّدهما، فالواحد هو الآخر. وقد نبعت منها كل من الحياة الإثنية والعقيدة اليهودية، أي أن القومية العضوية أو روح الشعب أسبق من الدين، وما الدين سوى تعبير عن الروح القومية، وهذا يعني أن هس يَصدُر عن صورة مجازية حلولية عضوية ترى ترادفاً بين الدين والقومية، وتجعل الشعب المركز الوحيد للحلول والكمون، ومن ثم فهي حلولية بدون إله. وهكذا تكون قد تمت إعادة إنتاج الجماعة اليهودية في الغرب على هيئة شعب عضوي لا تقبله أوربا، أي شعب عضوي منبوذ.