ينطلق جوردون من نقد عميق للجماعات اليهودية ولليهودية التي قضت تاريخها معزولة عن الطبيعة، مسجونةً داخل أسوار المدينة، ففقدت حب العمل. فالتلمود يقول إنه عندما ينفذ اليهود إرادة الإله سيقوم الآخرون بتنفيذ أعمالهم نيابةً عنهم، وهكذا تحوَّل اليهود إلى شعب طفيلي ميت. وإلى جانب هذا، فَقَد اليهود أيضاً مقومات الشخصية القومية المستقلة. فهم طفيليون لا في العمل المادي وحسب وإنما في المنتجات الثقافية كذلك، فهم يعتمدون على الآخرين مادياً وروحياً. إن الجماعات اليهودية في العالم سلبية في تَلقِّيها واستهلاكها حضارة الآخرين، فكل الشعوب تعيش من ثمرة عملها إلا اليهود. والحضارة كما يرى نتاج عملية تَطوُّر طبيعية لم يساهم فيها اليهود. ولذا، فإن اليهود المندمجين في حضارة غير يهودية سيكتسبون هوية غير يهودية جديدة ويتحولون بذلك إلى أشخاص غير طبيعيين ناقصين ومنشطرين داخلياً.
والحل الذي يطرحه جوردون هو الحل الصهيوني، أي إسقاط اليهودية كدين وتحويل اليهود إلى مادة استيطانية، ولكنه يضيف إلى هذا المشروع ديباجته الخاصة. يذهب جوردون إلى أن اليهود يوجد أمامهم طريقان لا ثالث لهما: إما الاستمرار في حياة المنفى المريضة أو الخوض في طريق الحياة القومية الصحيحة، والواقع أن اختيار أحدهما يعني استبعاد الآخر. ولذا، يقترح جوردون على الرواد الصهاينة في فلسطين أن يكونوا آخر اليهود وأن يصبحوا رواد أمة عبرانية جديدة تتكون من رجال ونساء تربطهم علاقة جديدة بالطبيعة. وهو يدعو إلى تصفية الدياسبورا (الجماعات اليهودية) تماماً. وإن تم الاحتفاظ بهم، فيجب أن يكونوا بمنزلة المستعمرات في علاقتهم بالوطن الأم، يزودونه بالمادة البشرية المطلوبة والدعم المالي والسياسي.