للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤكد كوك أن اليهود شعب، شعب واحد، واحد كوحدانية الكون (واحدية كونية) . ولكنه شعب من نوع خاص، فاليهودية دين قومي وقومية دينية. ولذا، فهو يهاجم دعاة العضوية الذين يتحدثون عن "روح الأمة" أو "روح الشعب العضوي" (بالألمانية: فولكس جايست Volksgeist، وبالعبرية: رواح ها أما) ويقول إنهم يخدعون أنفسهم، فما يسري في الأمة ليس قوة طبيعية عضوية وحسب، وإنما روح الإله نفسه. ولكن كوك يهاجم أيضاً المتدينين التقليديين الذين ينادون بأن مفهوم الأمة حسب العقيدة اليهودية لا علاقة له بالتعريفات القومية العلمانية الغربية الجديدة. يُسمِّي كوك هؤلاء «الانشطاريين» ، فريق منهم يحاول إسقاط العنصر الديني تماماً، والثاني يحاول إسقاط العنصر القومي تماماً أيضاً، أما كوك نفسه فيزيل كل الثنائيات ويرى أن ثمة تمازجاً كاملاً بين المطلق والنسبي وبين الخالق والمخلوق وبين القومية والدين، فكل عامل من عوامل الروح اليهودية يضم بشكل حتمي جميع جوانب نفسية الشعب اليهودي. ومن ثم، فإن فصل القومية عن الدين تزييف لكليهما، فثمة مادة إلهية تسري في جماعة يسرائيل تجعل روحها ملتصقة بروح الإله، بل إن روح يسرائيل وروح الإله شيء واحد (فهما من مادة واحدة) . هذا الإله الذي يكمن داخل الشعب هو مصدر روحهم القومية. ولذا، يجب على أعضاء هذا الشعب أن يدركوا حقيقة الإله الموجود داخلهم، ويدركوا من ثم حقيقة قوميتهم، فروح الإله تسري في الأرض سريانها في الشعب (وهنا يكتمل الثالوث الحلولي وهو نفسه الثالوث العضوي: الأرض والشعب والرابطة العضوية بينهما) . وكل ممتلكات اليهود القومية من أرض ولغة وتقاليد وتاريخ هي عروق تجري فيها روح الإله. ولذا، فإن أرض إسرائيل ليست شيئاً منفصلاً عن روح الشعب اليهودي، إنها جزء من جوهر الوجود اليهودي القومي ومرتبطة بحياة الوجود وبكيانه الداخلي ارتباطاً حلولياً عضوياً.

<<  <  ج: ص:  >  >>