للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالاعتماد على الجهود الذاتية وأنه لابد من الاعتماد على الإمبريالية، ومن ثم لابد من التفاوض والسعي المستمرين، ويتطلب هذا بالضرورة تركيز السلطة في يد شخص أو مجموعة صغيرة تتحرك بكفاءة وسرية لعقد الصفقة مع الحضارة الغربية. وفيما يتصل بالجوانب الإثنية، فإن هرتزل لم يكن يكترث بها لأنه لم يكن يعرف عنها الكثير، ولذا فإنه لم يمانع فيها ولم يشجعها. والواقع أن صياغته المراوغة ساعدت كثيراً على تَقبُّل الإثنية، ولكن كان لابد من التخفف منها قليلاً في البداية حتى لا يَفزَع يهود الغرب المندمجون. وقد حاول هرتزل منع مناقشة برنامج العصبة، ولكنه طرح البرنامج للنقاش بعد أن هدد أعضاء العصبة بالانسحاب من المؤتمر. وحينما تمت مناقشة البرنامج، صوَّت هرتزل شخصياً لصالحه وتم تبنيه من قبَل المؤتمر. وحين نُشر البرنامج في صيف عام ١٩٠٢، فإنه كان يتضمن الدعوة إلى الدراسة العلمية للأحوال الطبيعية في فلسطين وإلى العمل النشيط وأن يكرس الصهاينة أنفسهم للمشروع الصهيوني بكل إخلاص، وهي قرارات أقل ما توصف به أنها مضحكة إذ لا تمس العملية الأساسية في هذه المرحلة وهي التفاوض مع الدولة العظمى الراعية. وبعد أن عقد الصهاينة الروس مؤتمر منسك (١٩٠٢) واعترفوا بوجود تيارين لهما حقوق متساوية (أحدهما ديني والآخر علماني) ، فقدت العصبة قوتها الدافعة. والخلاف بين هرتزل والعصبة الديموقراطية خلاف صهيوني نماذجي، أي أنه اختلاف بين تيارات لا توجد بينها أية خلافات حقيقية، وتظل الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة كامنة بشكلٍّ صلب في كل رؤاهم وأقوالهم.

آحاد هعام (١٨٥٦-١٩٢٧ (

Ahad Ha-am

<<  <  ج: ص:  >  >>