ورغم هذه الإغراءات المثيرة، قوبل المشروع بالرفض التام من جانب بريطانيا، حيث ساق إدوين مونتاجو، وزير شئون المستعمرات في الحكومة البريطانية الذي كُلِّف بدراسة الموضوع، عدداً من الاعتبارات التي تدفع بريطانيا إلى عدم تحبيذ الفكرة، من بينها أن توطين اليهود في منطقة الجزيرة العربية لن يكون موضع ترحيب من جانب السكان العرب، وهو ما قد يؤدي إلى إثارة مشاكل معقدة لبريطانيا، فضلاً عن عدم ملاءمة الأماكن المقترحة لإقامة الدولة، حيث كانت البحرين خاضعة للنفوذ البريطاني ومرتبطة بمعاهدة معها منذ عام ١٨٢٠. كما كانت الأحساء منذ عام ١٩١٣ تحت سيطرة عبد العزيز بن سعود أمير نجد الذي بادر عام ١٩١٥ بعقد معاهدة تَحالُف مع بريطانيا تعهدت بمقتضاها بحماية بلاده في حالة تعرضها لأي هجوم خارجي.
إلا أن هذه الاعتبارات التي أفصحت عنها بريطانيا كانت تخفي أسباباً أعمق للرفض. فقد أدَّت تطورات الحرب العالمية الأولى آنذاك إلى تفتيت الدولة العثمانية وإبعاد خطر الغزو الألماني عن المنطقة، ومن ثم فَقَد مشروع الاستيطان اليهودي أحد مبرراته الأساسية، حيث لم تَعُد بريطانيا في حاجة إلى حارس لمصالحها في المنطقة بعد أن أحكمت هي سيطرتها عليها. كما أن بريطانيا كانت تتوجس خيفة من مغبة الاستعانة بفرنسا وروسيا في تدريب الجيش اليهودي المقترح، وهو ما قد يؤدي إلى فتح أبواب المنطقة للمنافسة الاستعمارية من جديد. وفضلاً عن هذا وذاك، فقد كان اهتمام بريطانيا آنذاك منصباً على فلسطين بوصفها مكاناً مقترحاً لإقامة "وطن قومي" لليهود يكون قاعدة استعمارية في تلك المنطقة الحيوية، وهو ما تمثَّل في صدور وعد بلفور في نوفمبر ١٩١٧، والذي كان إعلاناً حاسماً صَرَف النظر نهائياً عن مشروع روثشتاين.