ومما له دلالته أن الالتماس الذي قدَّمه للسلطات الأمريكية يسبق النداء الذي أطلقه ليهود العالم، فنواه كان يعرف الأولويات جيداً. فقد كان يدرك أن المشروع الصهيوني لا يمكن أن تقوم له قائمة بدون معونة المسيحيين، ولكن المسيحيين في معجمه هم القوة الأمريكية الصاعدة. ولذا، فقد كان دائماً يتحدث عن ضرورة أن يدرك الأمريكيون أهمية مشروعه وأن يعرفوا أن النبوءات الإنجيلية لا تشير إلى العودة الروحية لليهود وإنما تشير إلى عودتهم الفعلية والحرفية. وفي عام ١٨٢٥، قام نواه بوضع حجر الأساس في كنيسة سان بول في بافالو (وليس في أي معبد يهودي) ، ولم يضع حجر الأساس في الجزيرة نفسها لأنه لم يتمكن من توفير عدد من القوارب يحمله إلى هناك. ولكن دعوته لم تجد أي صدى بين الجماهير اليهودية، ولم يبق من مشروعه سوى حجر الأساس الذي يوجد الآن في جمعية بافالو التاريخية.
ولم يتوقف نواه عن نشاطه، إذ ألقى محاضرة عام ١٨٤٤ يطالب فيها بإنشاء دولة يهودية في فلسطين. وقد أرسل الرئيس الأمريكي جون أدامز (١٧٩٧ ـ ١٨٠١) رسالة إلى نواه عبَّر فيها عن أمله في أن يعود اليهود إلى فلسطين. ولكنه أحس أن أمنية صهيونية كهذه قد يُشتمُّ منها أنها معادية لليهود، ولذا فإنه أضاف قائلاً أنه يتمنى أن يرى اليهود مواطنين في كل مكان في العالم (وهذه دعوة معادية للصهيونية)
إسحق ستاينبرج (١٨٨٨-١٩٥٧ (Isaac Steinberg
كاتب وسياسي روسي، وأحد قادة تيار «الصهيونية الإقليمية» . وُلد في لاتفيا لعائلة تجمع بين المحافظة على التقاليد اليهودية والتحمس لأفكار حركة التنوير. تلقَّى في صباه تعليماً دينياً تقليدياً، ثم درس القانون في جامعة موسكو ولكنه فُصل منها لانخراطه في أنشطة اشتراكية ثورية، فتَوجَّه إلى ألمانيا وأكمل دراسته في جامعة هايدلبرج حيث حصل على درجة الدكتوراه في القانون وكان موضوع أطروحته «قانون العقوبات في التلمود» .