للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يعود إلى طبيعة تكوين المجتمع الأمريكي، فهو مجتمع استيطاني مُكوَّن أساساً من مهاجرين ولا توجد فيه تقاليد حضارية ثابتة أو عقائد دينية مستقرة. وكان على المهاجر أن يسقط معظم ثقافته القديمة ويندمج في المجتمع ليصبح أمريكياً، وإن ظل به ولع لثقافته القديمة فإنه يستطيع أن يعبِّر عن هذا الجانب من شخصيته من خلال بعض جوانب حياته غير المهمة مثل الطعام والاحتفال ببعض الأعياد. لكن هويته الأوربية (القديمة) ، أو ما تبقَّى منها، يجب أن تظل خاضغة لانتمائه الأمريكي. ومن المعروف أن أعضاء الجماعة اليهودية من المهاجرين كانوا من أكثر المهاجرين تقبلاً للمُثل الأمريكية، وأكثر تخلياً عن ثقافتهم القديمة الأوربية، بمعدلات تفوق المهاجرين الآخرين. وهذا يعود إلى عدم تجذُّر اليهود في الثقافة الأوربية في شرق أوربا، ولذا فهم (على عكس كثير من المهاجرين) لم يأتوا إلى الولايات المتحدة ليجربوا حظهم وإنما ليستقروا ويقيموا. ومن ثم، فقد كانت نسبة العائدين إلى أوربا من بين المهاجرين اليهود هي أقل نسبة بين مختلف جماعات المهاجرين (ربما باستثناء الأيرلنديين) . وبعد أن استقر يهود شرق أوربا، وضعوا أنفسهم داخل الإطار الأمريكي وأصبحوا أمريكيين بشرطة (أمريكيين/يهوداً) بحيث أصبحت إسرائيل بالنسبة إليهم مثل أيرلندا بالنسبة للأمريكيين من أصل أيرلندي. ويجب ملاحظة أن إسرائيل، بذلك، أصبحت البلد الأصلي، أي البلد الذي يهاجر منه الإنسان لا إليه، لكن فكرة أن إسرائيل هي البلد الأصلي هي فكرة مناقضة للفكرة الصهيونية.

<<  <  ج: ص:  >  >>