أما آحاد هعام، مؤسس الصهيونية الثقافية، فقد تنبأ بأن الدولة الصهيونية ستشكل مركزاً يساعد اليهود على الاحتفاظ بهويتهم أمام هجمات أعداء اليهود وإغراء الاندماج. ولكن ها هو ذا المركز قد تأسَّس وليست له علاقة كبيرة بيهود العالم. فيهود الولايات المتحدة يصوغون هويتهم ويتمتعون بحياتهم الاستهلاكية العلمانية دون الرجوع إلى الدولة الصهيونية العبرية. وقد ادعت الصهيونية ككل أنها ستؤسس دولة تحمي أعضاء الجماعات اليهودية ضد هجمات أعداء اليهود، ولكن ثبت أنها عاجزة عن ذلك تماماً. وحينما اقتربت قوات روميل من الإسكندرية، لم يفكر أعضاء المُستوطَن الصهيوني آنذاك في كيفية حماية يهود الإسكندرية، وإنما فكروا في الانتحار. والدولة الصهيونية لا يمكنها في الوقت الحاضر حماية يهود كومنولث الدول المستقلة (الاتحاد السوفيتي سابقاً) . وفي ٨ سبتمبر ١٩٨٨، صرح شامير بأن إسرائيل لا يمكنها أن تحارب العالم بأسره، وقارن بين الشيوعية العالمية والصهيونية العالمية قائلاً: إن الاتحاد السوفيتي ركز جل قواه على بناء الدولة الاشتراكية، ولم يهتم ببناء الاشتراكية في العالم بالدرجة نفسها، وقد كان يفضل دائماً مصلحة الدولة السوفيتية على مستقبل الحركة الشيوعية في العالم. وهو يرى أن الدولة الصهيونية ستحارب ضد معاداة اليهود، ولكنها لن تصبح القوة العظمى في تلك الحرب التي ستقوم بها المنظمات اليهودية "فنحن بلد صغير" على حد قوله. ومع ذلك، فإن من الضروري أن نضيف أن الدولة الصهيونية تزيد من حدة ظاهرة عداء اليهود بسبب لجوئها إلى العنف والإرهاب في تصفية حساباتها. ولا شك في أن مشاعر الاستياء نحو اليهود ستتزايد بعد الانتفاضة، وبعد عمليات القمع الرهيبة التي تقوم بها الدولة التي تُسمِّي نفسها «يهودية» ، وخصوصاً أن أعداداً كبيرة منهم قد قرنوا أنفسهم بهذه الدولة وتوحدوا بها منذ عام ١٩٦٧.