وتفترض مركزية إسرائيل هامشية أعضاء الجماعات، وضرورة تصفيتها، أو على الأقل تحويلهم إلى أداة تُستخدَم. ولكن واقع أعضاء الجماعات اليهودية في العالم يُثبت زيف هذا المفهوم، كما يثبت أن هذا المفهوم ينتمي إلى عالم الأحلام والأماني وربما الأوهام، إذ أن الدولة الصهيونية لا تؤثر كثيراً في الحياة الثقافية أو حتى الدينية للأمريكيين اليهود. والواقع أن أعضاء الجماعات اليهودية قد يتحدثون قولاً عن مركزية إسرائيل، ولكنهم يسلكون حسبما تمليه مصلحتهم ورؤيتهم علىهم. وغني عن القول أن الدولة الصهيونية لا يمكنها أن تدافع عن أعضاء الجماعات اليهودية ولا أن تُحسِّن صورتهم العامة، إذ أن ما يحدد هذه الصورة هو أداؤهم داخل مجتمعاتهم. بل إن الدولة الصهيونية، بسبب مركزيتها التي تزعمها لنفسها ومرجعيتها اليهودية التي تدعيها لنفسها، تُلحق الأذى والضرر باليهود كما حدث أثناء حادثة الجاسوس جوناثان بولارد وكما يَحدُث حالياً في مواجهة الانتفاضة حيث يظهر جنود الدولة اليهودية وهم يكسرون أذرع الأطفال.
ولو كان القول الصهيوني بشأن مركزية هذه الدولة في حياة أعضاء الجماعات اليهودية حقيقة يمكن أن يقبلها المرء، لكان من حقه أن يرى سلوكها الشرس تعبيراً عن السلوك اليهودي بشكل عام، ولكان من حقه أيضاً أن يرى أن غزوات الصهيونية وصولاتها وجولاتها إنما تعبِّر عن طموحات اليهود أينما كانوا. ومن هنا، يحرص كثير من أعضاء الجماعات الآن على الاحتفاظ بمسافة بينهم وبين الدولة الصهيونية، بل على تأكيد مركزية الدياسبورا.