«غزو الدياسبورا» مصطلح صهيوني يعني ضرورة الهيمنة الصهيونية على كل الجماعات اليهودية في العالم شاءت أم أبت، وذلك باعتبار أن الدولة الصهيونية هي المركز والجماعات اليهودية هي الأطراف، وهذا ما يُطلَق علىه «مركزية إسرائيل في حياة الدياسبورا» . وبناءً على نصيحة ماكس نوردو، أعلن هرتزل في المؤتمر الصهيوني الثاني (١٨٩٨) ضرورة غزو الحركة الصهيونية للجماعات اليهودية. والواقع أن الحركة الصهيونية لا تهدف إلى تهجير العرب من فلسطين إلى المنفى وحسب، وإنما تهدف أيضاً إلى تهجير اليهود من المنفى إلى فلسطين. ولكن حينما أعلنت الحركة الصهيونية برنامجها بشأن الوطن القومي وتجميع اليهود، أي تهجيرهم، قوبلت الدعوة بالرفض من جانب جميع المنظمات اليهودية في العالم. ووجد الصهاينة أنفسهم معزولين في جزيرة صغيرة، وذلك على حد قول وايزمان أثناء محادثاته مع الحكومة الإنجليزية لإصدار وعد بلفور، أي أنهم وجدوا أنفسهم مفتقرين إلى قاعدة جماهيرية. ولحل هذا الوضع، تبنَّى الصهاينة إستراتيجية حل المشكلة من أعلى (أي من ناحية المصالح الإمبريالية) وليس من أسفل (من ناحية الجماهير اليهودية) . ومعنى هذا أنهم قرَّروا غزو الجماعات من خلال القوى الاستعمارية العظمى. فقدموا أنفسهم منذ البداية باعتبار أن بإمكانهم لعب دور الوسيط بين القوى الاستعمارية من جهة واليهود من جهة أخرى، وذلك لتجنيدهم وتوطينهم في الموقع الجغرافي الذي يهم تلك القوى. وقد أخبر هرتزل القس هشلر (الذي كان يساعده في جهوده الصهيونية) بأنه لا يمكنه فرض شروطه على اليهود إلا إذا نال قسطاً من الشرعية من إحدى الدول العظمى حتى يَقبَله اليهود. وبالفعل، فحالما وافقت إنجلترا على المشروع الصهيوني (١٩١٧) اكتسبت الصهيونية شرعية هائلة أمام الجماهير اليهودية في الغرب فاضطرت إلى الاعتراف بها. وهذا ما حدث أيضاً في الولايات المتحدة حيث اتجه النظام الأمريكي اتجاهاً ممالئاً للصهيونية