ورغم الدينامية الهستيرية التي تتصف بها الصهيونية وتنظيماتها العديدة، فإن التطور التاريخي أثبت زيف الأطروحات الصهيونية وصدق تحليلات دبنوف. وقد كان دبنوف واعياً تماماً بهذا، ولذا فقد وصف الصهيونية بأنها "مجرد صيغة مُجدَّدة لعقيدة انتظار الماشيَّح نُقلت من عقول القبَّاليين المنتشية إلي عقول الزعماء الصهاينة الساسيين". وقد تَبنَّي البلاشفة في روسيا (في نهاية الأمر وبعد تخبُّط لعدة سنوات) الصيغة الدبنوفية الداعية إلي البعث اليديشي فتم تأسيس مقاطعة بيروبيجان، ثم تصاعدت عملية دمج وترويس يهود اليديشية حتي تحوَّلوا إلي يهود روس. كما اتجه أكثر من ٨٥% من المهاجرين الروس، ثم السوفييت، إلي الولايات المتحدة. ولا يزال هذا هو الاتجاه الأساسي لحركة هجرة اليهود السوفييت. وبعد استقرارهم في الولايات المتحدة، نجح يهود اليديشية (لبعض الوقت) في الاندماج في مجتمعهم الجديد دون أن يفقدوا هويتهم.
ولكن حركيات المجتمعين الأمريكي والسوفيتي (والمجتمع الغربي ككل) تؤدي إلي تَصاعُد معدلات الدمج والزواج المُختلَط وانصهار واختفاء أعضاء الجماعات اليهودية. لكن دبنوف لم يتنبأ بهذا التطور الأخير، وكان من الصعب عليه أن يفعل ذلك في نهاية القرن التاسع عشر. وعلي كلٍّ، فإن إحدي السمات الأساسية في المجتمعات العلمانية الحديثة، مجتمعات ما بعد الصناعة والأيديولوجيا، هي تَصاعُد معدلات الترشيد والعلمنة التي تؤدي إلي تَساقُط الخصوصيات الدينية (بل الإنسانية) بحيث يندمج الجميع في حركة المجتمع المحكومة الآلية.