جـ) الرفض من منظور قومية الدياسبورا: يرفض دعاة قومية الدياسبورا الصهيونية لأنهم يرون أن اليهود يُكوِّنون أقليات قومية لها هويات مستقلة خارج فلسطين. وحين يتحدث دعاة قومية الدياسبورا عن اليهود، فهم يشيرون لا إلى أقلية قومية أو حتى إلى أمة قومية، ولكنهم في واقع الأمر يشيرون إلى أقلية إثنية. وحيث إن معظم دعاة هذا الاتجاه كانوا يتحدثون باسم غالبية يهود العالم، وهم يهود اليديشية، فإنهم يتحدثون في العادة عن القومية اليديشية التي تكونت هوية أعضائها تحت ظروف خاصة.
ولكن، إلى جانب هذا التيار، بدأ يظهر تيار مماثل بين يهود أمريكا يرى أن هويتهم الحقيقية هي هوية أمريكية يهودية تستحق الحفاظ عليها، ومن ثم ينبغي عدم تصفيتها أو إخضاعها للدولة الصهيونية.
د) وهناك أخيراً حبيب شيفر الذي يرفض الصهيونية باعتبارها مؤامرة شيوعية وعلى أساس أن الدولة الصهيونية هي أداة في يد الاتحاد السوفيتي لتخريب العالم الحر. وغني عن القول أن مثل هذه الدعاوى قد تهاوت تماماً في الوقت الحاضر.
هذه هي التيارات الأساسية في الرفض اليهودي للصهيونية. ويمكن القول من ناحية التطور التاريخي بأن العداء اليهودي للصهيونية كان قوياً للغاية حتى إعلان وعد بلفور، حين تم توقيع عقد بين الحضارة الغربية والصهاينة الذين ادعوا تمثيل الشعب اليهودي، وقد أُزيل بالتالي احتمال ازدواج الولاء. ومع إعلان الدولة الصهيونية دولة وظيفية في خدمة الاستعمار الغربي، أصبح من العبث معارضتها بل أصبح من المنطقي تبنِّي العقيدة الصهيونية باعتبارها العقيدة التي تُدخل اليهود في نطاق الحضارة الغربية وتُوظِّفهم لصالحها، وهذا ما حدث لمعظم يهود العالم الغربي ومنظماتهم. لكن المقاومة اليهودية للصهيونية، مع هذا، لم تنته تماماً، فقد بدأت تظهر شخصيات وتنظيمات جديدة معارضة للصهيونية أو متملصة منها، من أهمها بريرا والأجندة اليهودية الجديدة.