للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقبل صدور الوعد بأسابيع قليلة، كتب إدوين مذكرة نبه فيها إلى ما ينطوي عليه وعد بلفور من كراهية لليهود وعداء لهم، وبيَّن أنه لا يمكن الحديث عن أمة يهودية أو جيش يهودي. وقد كانت الحركة الصهيونية في ذلك الوقت قد بدأت محاولتها، التي كُللت بالنجاح في نهاية الأمر، من أجل إنشاء فيلق يهودي يضم المهاجرين اليهود من شرق أوربا، تحارب إلى جانب القوات البريطانية لتأكيد الوجود اليهودي المستقل. وقد قال مونتاجو إن تأسيس مثل هذه الفرقة يعني أن أخاه وابن أخيه سيضطرون إلى الخدمة العسكرية جنباً إلى جنب مع أناس لا يفهمون اللغة الوحيدة التي يتكلمانها (الإنجليزية) . ثم أشار مونتاجو إلى أن العودة التي يتحدث عنها الدين اليهودي لا يمكن أن تتم إلا تحت إشراف العناية الإلهية. وأضاف بعد ذلك متهكماً أن بلفور وروتشيلد ليسا هما المسيح المخلِّص. ويعترف مونتاجو بأن فلسطين تحتل مكانة خاصة في قلوب اليهود، ولكن هذا ينطبق أيضاً على المسيحيين، بل إن الأراضي المقدَّسة (حسب تصوُّره) تلعب دوراً أكثر مركزية في الرؤية المسيحية. كما بيَّن مونتاجو أن أعضاء الوزارة البريطانية والصهاينة ينظرون إلى فلسطين من زواية ضيقة تركز على حقبة واحدة من تاريخ فلسطين، بمعنى أنها تتجاهل الحقب غير اليهودية المختلفة والتي تشمل الجزء الأكبر من تاريخ فلسطين (ويشير مونتاجو في مذكرة، أخرى إلى عروبة فلسطين وإلى تاريخها العربي الطويل) . وفي نهاية المذكرة، يضع مونتاجو النقط على الحروف فيقول: "حينما يكون لليهودي وطن قومي، فسوف يَنتُج عن ذلك على وجه اليقين أن يزداد الاتجاه نحو حرماننا من حقوق المواطنة الإنجليزية. ستتحول فلسطين إلى جيتو العالم". ومعنى ذلك أن من يعادون اليهود والصهاينة يحاولون حَصْر اليهود داخل جيتو قومي مُوسَّع، ولكنه جيتو محاط بأسوار عالية تفصل الحضارة والشخصية اليهودية عن عالم الأغيار. واقترح مونتاجو حرمان كل صهيوني من حق التصويت

<<  <  ج: ص:  >  >>