وظاهرة مثل الكيبوتسات (المزارع الجماعية) وظواهر أخرى مثل عسكرة المجتمع الإسرائيلي، والطبيعة الاستيطانية الإحلالية للدولة الصهيونية، واعتماد وجودها واستمرارها على الولايات المتحدة بشكل تام، وإدراك الصهاينة لهذا الواقع بدرجات متفاوتة هو الذي يحدِّد سلوكهم وحربهم وسلمهم، وما ينكرونه علينا وما قد يُقررون منحنا إياه. وإسقاط هذه الأبعاد الخاصة يجعل عملية التطبيع المعرفية المنهجية عملية تسويغ وتبرير غير واعية للوجود الصهيوني وإضفاء درجة من الشرعية عليه.
وسنحاول في مداخل هذا المجلد أن نتناول خصوصية الظاهرة الصهيونية وأن نبيِّن البُعد الصهيوني أو «صهيونية» الظواهر الإسرائيلية المختلفة.
تطبيع المصطلح
Normalization of Terminology
حاول الخطاب السياسي العربي أن يتعامل مع الظاهرة الصهيونية في تفردها وعموميتها، فهي كانت بالفعل ظاهرة جديدة كل الجدة على الشعب العربي سواء في فلسطين أن خارجها: أن تأتي كتلة بشرية، تحت رايات الاستعمار البريطاني وتدريجياً تبدأ في احتلال الأرض إما بالقوة العسكرية أو من خلال شراء الأراضي إما مباشرةً من بعض كبار الملاك أو بشكل غير مباشر من خلال وسطاء ثم تتحول الكتلة البشرية الغازية، بين يوم وليلة، إلى دولة تستولي على جزء كبير من فلسطين ثم تقوم بطرد السكان الأصليين، يساندها في ذلك العالم الغربي بأسره.