للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«الاعتدال» من «عدل» أي «سوى بين الشيئين» . و «الاعتدال السياسي» هو أن يأخذ المرء موقفاً ينزع نحو المهادنة وتقديم التنازلات في سبيل تحقيق قدر من العدل والسلام. و «التطرف» ، على خلاف «الاعتدال» ، هو «تجاوز حد الاعتدال» . وهو على زنة «تفعُّل» من «طرف» . و «الطرف» هو «حافة الشيء» . و «التطرف» ، في المصطلح السياسي، هو أن يتمسك المرء بموقفه وبالحد الأقصى لا يحيد عنه ولا يقبل تقديم أية تنازلات ولا يتهاون بغض النظر عن الأوضاع والملابسات المحيطة بالموقف. ومصطلحا «الاعتدال» و «التطرف» شائعان في الخطاب السياسي، فيوصف إنسان بأنه «متطرف» وآخر بأنه «معتدل» حسب ما يتخذانه من مواقف. ولكن ما يغيب عن الكثيرين أن التطرف والاعتدال يُقاسان بالنسبة إلى مرجعية ما كامنة، فما هو متطرف من وجهة نظر ما قد يكون اعتدالاً من وجهة نظر أخرى، وكل شيء يعتمد على المرجعية. وما يفوت من يستخدمون مثل هذه المصطلحات أن أسباب الصراع (في المجال السياسي والاقتصادي) ليس لها علاقة كبيرة بما يُسمَّى «العُقد النفسية والتاريخية» ، وإنما هي في العادة أسباب بنيوية، لصيقة بالعلاقات التي توجد في الواقع. وطالما ظلت البنية الشاذة ظل الصراع، أي أن القضية ليس لها علاقة كبيرة، في كثير من الأحوال، مع الحالة النفسية أو مع مدى استعداد أحد أطراف الصراع لإظهار الاعتدال والتسامح. ولذا فنحن نذهب إلى أن مصطلحي «الاعتدال» و «التطرف» ليس لهما مقدرة تفسيرية عالية في مجال السياسة والاقتصاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>