ولعلنا لا ندَّعي حين نقول إن التحدي الحضاري للأمة التي أنتجت ابن خلدون والمتبني والغزالي وابن رشد ينبغي أن يأتي من شعب أو حضارة أنتجت أرسطو وماركس وألا يهبط إلى مستوى بناء حضاري متخلف تسيطر عليه الأفكار الجيتوية ويتزعمه بن جوريون الذي يتصور أنه يحدد سياسة بلاده الخارجية وتحركات جيوشه حسب رؤى العهد القديم وأقوال التلمود وأساطير الأولين، بشرط أن يكونوا من اليهود.
الصهيونية كغزو ثقافي للعالم العربى
Zionsim as a Cultural Invasion of the Arab World
يجب أن يُفهَم خطر الغزو الثقافي الصهيوني للمنطقة العربية بمعنى أوسع لا يقتصر على خطره على الفكر العربي، أي الثقافة بالمعنى الضيق، بل يشمل أيضاً الخطر الذي يواجهه نمط الحياة والسلوك والقيم والعقائد وطبيعة الولاء ... إلخ.
والخطر الثقافي، بهذا المعنى الواسع، لا يعني الخطر الذي يمثله غزو حضارة أو ثقافة متنوعة لحضارة ضعيفة أو دنيا، وإنما يعني تهديد ثقافة لثقافة أخرى بالاضمحلال أو الزوال لمجرد أن الأولى يحملها شعب متفوق عسكرياً أو تكنولوجياً دون أن تكون ثقافته بالضرورة أكثر استحقاقاً للبقاء أو أشد جدارة. والتاريخ يعرف هذين النوعين من الغزو الثقافي.