وإذا كانت الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة نفسها تتسم بعدم التحدُّد، فإن الممارسة الصهيونية لا تختلف عنها كثيراً في هذا المضمار. فقد لجأ مثقفو شرق أوربا إلى الاستعمار الغربي ليساعدهم على تحويل الفكرة إلى مشروع. وتم نوع من أنواع الاتفاق بين الطرفين (العقد الصامت بين الحضارة الغربية والحركة الصهيونية بشأن يهود العالم) تعهدت الحركة الصهيونية بمقتضاه بنقل الفائض اليهودي إلى فلسطين، وهي عملية نقل أو ترانسفير تُفقد أعضاء هذا الفائض مضمونهم الطبقي القديم وتكسبهم مضموناً جديداً. فالعامل الثوري من روسيا، والبقال المحافظ من بولندا، والرأسمالي الليبرالي من ألمانيا حينما يتم نقلهم إلى فلسطين تحت رعاية الإمبريالية، يصبحون جميعاً أداة في يد الاستعمار رغم حديث الأول عن الثورة الحمراء والثاني عن الإصلاح الاجتماعي والثالث عن الحرية والإخاء والمساواة.