للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى أية حال فإن التشكيك في مصداقية مبادرة نتنياهو لخفض المعونة لا ينفي اتجاهاً أمريكياً لخفض المعونات لجميع دول العالم. فالميزانية الأمريكية تعاني من ضغوط متزايدة يرجع جزء أساسي منها إلى أن المعونات الأمريكية لكل من إسرائيل ومصر لم يصبها التخفيض كما أصاب غيرها، الأمر الذي يعني أن اقتراح نتنياهو ـ بغض النظر عن مصداقيته بالنسبة لأوضاع الاقتصاد الإسرائيلي ـ يمثل ضرورة حيوية للميزانية الأمريكية، وهو ما يدعم الآراء القائلة بأن خفض المساعدات الخارجية آت لا محالة بعد انتهاء العامين الماليين القادمين.

وهنا تبرُز أهمية القنوات الأخرى ـ بخلاف المعونة الرسمية ـ لتدفُّق رؤوس الأموال على إسرائيل، والتي توفر في الوقت الحالي أكثر قليلاً من نصف المبالغ التي تحصل عليها إسرائيل من الحكومة الأمريكية (ناهيك عما تحصل عليه من تبرعات من جهات غير حكومية) ، والتي يمكن أن تُستخدَم لتعويض أيِّ خفض في المعونة الرسمية.

والدلالة التي يمكن استخلاصها هنا بالغة الخطورة، إذ أن الاعتماد الإسرائيلي سيتحول من موارد مؤقتة بطبيعتها ـ نظراً لخضوعها ولو شكلياً للمراجعة الدورية من قبَل المؤسسة المانحة ـ إلى موارد غير ظاهرة وغير خاضعة للمراجعة الدورية، ومن ثم تُعَد من الناحية العملية أكثر ثباتاً، الأمر الذي قد يشير إلى أن الاعتماد الإسرائيلي على المعونة الأمريكية يزداد تجذراً ـ بدلاً من أن ينخفض كما ينادي أنصار التطبيع ـ بحيث ينتقل إلى الاعتماد على موارد دائمة لا مؤقتة، وهو ما يطرح أزمة الاقتصاد الإسرائيلي بشكل أعمق، إذ أن المعونة أصبحت جزءاً من هيكل هذا الاقتصاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>