لكل هذا، يرى خبراء الاقتصاد في بنك إسرائيل، في محاولتهم تقييم الأداء الاقتصادي الإسرائيلي والتنبؤ بمساره الاقتصادي، أن أهم حدث في هذا المجال في السنوات الأخيرة ليس التحولات الاجتماعية وظهور طبقة من المستهلكين تتمتع بالتبرعات المجانية وترتدي جلداً سميكاً من عدم الاكتراث الاجتماعي، وليس انخفاض إنتاجية الإسرائيليين أو ارتفاعها أو حجم الاستيراد أو التصدير، أو الميزان التجاري أو غيرها من المعايير المستخدمة في تقييم الأداء الاقتصادي والاجتماعي للمجتمعات الأخرى، فأهم حدث هو "زيادة المساعدات الأمريكية إلى إسرائيل [أهم مصادر الدخل الثابت] من حوالي ١٠% إلى حوالي ٢٠% من الناتج". وعلى كلٍّ، بيَّن سبير أن مصطلحات مثل «العجز التجاري» وخلافه غير ذات موضوع، لأن الإسرائيليين يحصلون من الخارج على تحويلات من جانب واحد "أي على هبات لا حاجة إلى سدادها، كقيمة العجز المتراكم خلال ثلاث سنوات في ميزان مدفوعاتنا".
جـ (افتقاد السيادة:
هذه المساعدات السخية تضمن للمستوطنين الصهاينة الاستمرار، ولكنها في الوقت نفسه تقوِّض استقلالهم وسيادتهم (تماماً كما كان يحدث مع أعضاء الجماعات الوظيفية الذين كانوا يتمتعون بالدخل المرتفع والمكانة المتميِّزة ولكنهم كانوا يعتمدون اعتماداً كاملاً على الراعي أو الحاكم) . ويساهم التطور السريع الذي تشهده صناعة السلاح وزيادة نفقات التسليح في تَزايُد اعتماد المستوطنين الصهاينة على دولة إمبريالية متقدمة. ولذا، فإن إشكالية العجز وعدم المشاركة في السلطة أو صنع القرار تزداد عمقاً (مع أن أحد الأسباب الرئيسية لتأسيس الدولة الصهيونية ـ من منظور الفكر الصهيوني ـ هو حل هذه الإشكالية بين الجماعات اليهودية باعتبارها جماعات وظيفية تخدم الطبقة الحاكمة دون أن تشاركها في صنع القرار) .