للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن العلاقة بين الاستعمار البريطاني والجيش الوظيفي الاستيطاني ساءت تحت ضغط عوامل جديدة في الموقف من بينها الضغوط التي مارستها الحكومات العربية الصديقة على الحكومة البريطانية، وتَصاعُد المقاومة الفلسطينية، إلى جانب زيادة المخاوف البريطانية من احتمال تَغلغُل عملاء الجستابو بين صفوف المهاجرين اليهود. وقد ساد الاعتقاد في ذلك الحين (وتأكد فيما بعد) بأن النازين مدوا يد العون للهجرة الصهيونية (الهجرة غير الشرعية) ، وأنهم قرَّروا استغلالها كوسيلة لخلق مشاكل للبريطانيين في الشرق الأوسط (ومن الشائع أن تغيِّر الجماعة الوظيفية من ولائها من راع إلى آخر، فالحامية اليهودية في جزيرة إلفنتاين مثلاً كانت جماعة وظيفية قتالية زرعها فراعنة مصر هناك، ولكنها غيَّرت ولاءها مع الغزو الفارسي وأصبحت موالية للغزاة الفرس ضد المصريين) . وهذه العوامل الجديدة أدَّت إلى خلق التناقض بين الجماعة الصهيونية الاستيطانية الوظيفية وحكومة الانتداب، ومن ثم أصدرت الحكومة البريطانية عدداً من القوانين والكتب البيضاء التي تُظهر تَفهُّماً لمطالب العرب، وتم إحياء بعض المفاهيم الأساسية الشاملة ـ التي طالما تجاهلها البريطانيون ـ مثل الطاقة الاستيعابية لفلسطين. وقد كان التناقض بين الحكومة البريطانية والجيب الصهيوني يأخذ أشكالاً حادة ومتطرفة أحياناً كما ظهر في حالة نسف فندق الملك داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>