٢ ـ حدَّدت منظمة الهاجاناه جوهر الإستراتيجية الاستيطانية عندما أكدت (عام ١٩٤٣) أن الاستيطان ليس هدفاً في حد ذاته، وإنما هو وسيلة الاستيلاء السياسي على البلد، أي فلسطين. وقد استمرت هذه السياسة قبل وبعد عام ١٩٤٨، أي أنها العنصر الأساسي الثابت في الإستراتيجية الصهيونية. ومن ثم عرَّف بن جوريون الصهيونية بأنها الاستيطان، وهو مُحق في ذلك تماماً. ولذا يمكن القول بأن الاستيطان هو نفسه التوسع الصهيوني، لا يوجد أيّ فاصل بينهما. وهذه هي السمة البنيوية الثانية من سمات الاستيطان الصهيوني.
٣ ـ ثمة سمة بنيوية ثالثة يتسم بها الاستيطان الصهيوني هي أنه ليس مشروعاً اقتصادياً وإنما مشروع عسكري إستراتيجي، ولذا فهو لا يخضع لمعايير الجدوى الاقتصادية، ولابد أن يموَّل من الخارج (الخارج يمكن أن يكون الدياسبورا اليهودية الثرية [أي الجماعات اليهودية في العالم] أو الراعي الإمبريالي) .
٤ ـ يتسم الاستيطان الصهيوني بأنه استيطان جماعي عسكري بسبب الهاجس الأمني (استجابة لمقاومة السكان) ولأن جماعة المستوطنين ترفض الاندماج في المحيط الحضاري الجديد الذي انتقلت إليه (انظر: «الاقتصاد الاستيطاني في فلسطين قبل عام ١٩٤٨: أسباب ظهوره» ) وتساهم عمليات التمويل من الخارج في تعميق هذه السمة.
٥ ـ ارتبط انتشار المستوطنات بحركة الهجرة اليهودية، وهو ما جعل إستراتيجية الاستيطان تتخذ خطاً متوازياً مع الخطوات التي قطعها المشروع الصهيوني لجذب المهاجرين اليهود واقتلاعهم من البلاد التي أقاموا فيها.