١١ ـ أما في المجال الاقتصادي فنجد أن المستوطنين يحاولون الاستيلاء على الأرض إما عن طريق الاستيلاء المباشر أو عن طريق شرائها أو عن طريق إصدار قوانين تُسهِّل عملية الاستيلاء هذه ونقل الأرض من السكان الأصليين للمستوطنين. وهذه عملية مستمرة لا تتوقف إذ أن الجيب الاستيطاني بسبب إحساسه بالعزلة وبسبب خوفه من المشكلة الديموجرافية يسمح لمزيد من المهاجرين بالاستيطان، الأمر الذي يتطلب المزيد من الأرض، فيزداد الصراع. وقد قام المستوطنون البيض في جنوب أفريقيا بالتوسع على حساب السكان الأصليين البوشمان والهوتنتوت والبانتو، تماماً مثلما قام المستوطنون الصهاينة بالتوسع على حساب الفلسطينيين.
ويتقاضى العمال من السكان الأصليين أجوراً أقل كثيراً من التي يتقاضاها العمال الاستيطانيون. كما أن معظم العمال من السكان الأصليين عليهم الانتقال من أماكن انتقالهم إلى أماكن عملهم، وهو ما يعني جهداً إضافياً شاقاً يتجشمه العامل دون مقابل. كما يقوم النظام الاستيطاني بإعاقة تطوُّر اقتصاد محلي للسكان الأصليين أو أي شكل من أشكال التراكم الرأسمالي.
١٢ ـ ويُلاحَظ على المستوى الثقافي ظهور نظامين قوميين: القومية الأولى قومية أصحاب الأرض الأصليين سواء الفلسطينيين أو الأفارقة في كلتا الدولتين، أما القومية الثانية فهي قومية مصطنعة، وهي قومية المستوطنين الذين لا تتوافر لهم في مجموعهم من البداية غالبية خصائص القومية الواحدة. ومع هذا يُحتفَل "بالقومية" الاصطناعية الواحدة وتصبح رموزها هي الرموز السائدة في الدول الاستيطانية. وفي مجال التعليم، لا تُتاح لأبناء السكان الأصليين فرص تعليمية متميِّزة، خشية أن يحققوا حراكاً اجتماعياً وثقافياً وتظهر بينهم نخبة متعلمة تقود كفاحهم الوطني.