للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان جابوتنسكي بطبيعة الحال من مؤيدي هذا المخطَّط، فأعد حيلة جديرة بعقله الصهيوني الصغير، إذ اقترح أن تعلن المنظمة الصهيونية العالمية معارضتها نزوح العرب عن فلسطين، وبذا تهدئ مخاوف العرب بشأن مخطَّط نَقْل السكان الأصليين، بل سيظن هؤلاء السكان، السذج، أن الصهاينة يريدون منهم البقاء حتى يتسنى لهم استغلالهم، ولذا فإنهم سيحملون متاعهم ويرحلون. وهذه الخطة، أو الحيلة تتسم بالغباء أكثر مما تتسم بالخبث، فقد أثبت الفلاحون العرب أنهم أقل جهلاً مما كان يتصور الزعيم الصهيوني، وأكثر ارتياباً مما تَعشَّم.

ويمكن القول بأن جابوتنسكي "متطرف"، ولكن سنجد أن وايزمان كان من المطالبين بهذا، وقد نشرت مجلة الجويش كرونيكل، في ١٣ أغسطس ١٩٣٧، وثيقة، وقعها وايزمان بالحروف الأولى من اسمه، تدل على أن الزعيم الصهيوني كان يرى أن نجاح مشروع التقسيم يتوقف على مدى إخلاص الحكومة البريطانية للتوصية الخاصة بنقل السكان. ولا يختلف آرثر روبين مدير دائرة الاستيطان الصهيوني كثيراً عن ذلك. فقد اقترح منذ مايو ١٩١١ "ترحيلاً محدوداً" للفلاحين العرب الذين سيُجرَّدون من أملاكهم إلى منطقتي حلب وحمص في شمال سوريا. كان تجريد المزارعين العرب وإجلاؤهم عن أراضيهم، كما كتب روبين بعد تسعة عشر عاماً، أمراً لا مفر منه، لأن "الأرض هي الشرط الحيوي لاستيطاننا فلسطين. لكن لما لم يكن ثمة أرض قابلة للزراعة إلا وهي مزروعة من قبل، فقد نجد أننا حيثما نشتري أرضاً ونسكنها لابد لزرَّاعها الحاليين من أن يُطرَدوا منها ... ".

<<  <  ج: ص:  >  >>