إن إفراغ فلسطين من سكانها هو هدف صهيوني، وضرورة يحتمها منطق الأسطورة والعنف الإدراكي الصهيوني. ولكي يحقق الصهاينة مخططهم تبنوا تكتيكات مختلفة، فلم يكن العنف المسلح الوسيلة الوحيدة، وإنما استخدموا وسائل أخرى أيضاً. وقد اتهم عالم الاجتماع البولندي اليهودي، لودفيج جومبلوفيتش، هرتزل بالسذاجة السياسية، ثم طرح عليه سؤلاً بلاغياً:"هل تريد أن تؤسس دولة بدون عنف مسلح أو مكر؟ هكذا ... بالتقسيط المريح؟ ". ومن المؤكد أن العنف المسلح والمكر هما الأداتان اللتان استخدمهما الصهاينة. ويتمثل المكر في نشر الذعر والإرهاب بين العرب، أما العنف فيتمثل في تعريضهم للإرهاب الفعلي. ويمكن القول بأن الإرهاب الصريح ضد الفلسطينيين قد استُخدم قبل ١٩٤٨، ثم خلال فترة الحرب كلها، أما نشر الرعب بين السكان، أي الحرب النفسية، فقد تصاعدت حدتها في المرحلة الأخيرة. وليس لهذا التمييز بين العنف المسلح والمكر أية أهمية، إلا من الناحية التحليلية البحتة، حيث إن الأسلوبين متداخلان، بل إنهما، في الواقع، مجرد عنصرين في مخطط واحد متكامل. ففي حالة مذبحة دير ياسين، على سبيل المثال، حرص الصهاينة حرصاً شديداً على إطلاع جميع الفلسطينيين على الحادث، ليقوموا من خلاله بغرس الخوف والهلع في القلوب.