تهدف نظرية الحقوق الصهيونية إلى تبرير استيلاء اليهود على الأرض الفلسطينية، الأمر الذي يتطلب التوصل إلى رؤية للذات الغازية (اليهود) ، ورؤية تكميلية للآخر موضوع الغزو (العرب) . وقد تناولنا رؤية الصهاينة لليهود باعتبارهم شعباً أبيض أو شعباً مقدَّساً يهودياً خالصاً أو شعباً اشتراكياً تقدمياً (انظر: «الاعتذاريات الصهيونية العنصرية ونظرية الحقوق اليهودية المطلقة» ) . وسنتناول في هذا المدخل رؤية الصهاينة للعرب.
يُلاحَظ أن طريقة صياغة الرؤية الصهيونية للعرب تتسم بكثير من سمات الخطاب الصهيوني، ابتداءً بالإبهام المتعمد وانتهاءً بالتزام الصمت، كما يُلاحَظ تصاعد معدلات التجريد إلى أن نصل إلى النقطة التي يتحقق فيها النموذج الصهيوني الإدراكي وهي التغييب الكامل للعرب:
١ ـ العربي كعضو في الشعوب الشرقية الملونة (تخفيض العربي) :
وهذا التصور هو تصور تكميلي لرؤية اليهود كأعضاء في الحضارة الغربية البيضاء، فالجنس الأبيض هو موضع القداسة أما الأجناس الأخرى فتقع خارجها، والعربي هو من هذه الأجناس المتخلفة.
وفي إطار هذا التصوُّر، يُقدِّم الصهاينة وصفاً للشخصية العربية على أنها شخصية متخلفة، ومثل هذا الوصف أمر شائع في الاعتذاريات العنصرية وفي أدبيات الاستعمار الأوربي، فالوصف هنا ليس وصفاً للعربي بقدر ما هو وصف لأي آسيوي أو أفريقي (أو حتى أي أمريكي أسود) . والاستعمار الصهيوني، في أحد تصوُّراته لنفسه، كان يرى أنه جزء (تابع) لا يتجزأ من الحركة الإمبريالية الغربية، ومن الهجمة العسكرية الحضارية على الشرق العربي لإدخال الحضارة والسكك الحديدية والبلاستيك والقنابل.