وقد وُصف الأغيار في الأدبيات الصهيونية بأنهم: ذئاب، قتلة، متربصون باليهود، معادون أزليون لليهود. و «الأغيار» مقولة مجردة، بل إنها أكثر تجريداً من مقولة «اليهودي» في الأدبيات النازية، أو مقولة «الزنجي» في الأدبيات العنصرية البيضاء. وهي أكثر تجريداً لأنها لا تضم أقلية واحدة، أو عدة أقليات، أو حتى عنصراً بشرياً بأكمله، وإنما تضم كل الآخرين في كل زمان ومكان. وقد وضع الصهاينة الإنسان العربي على وجه العموم، والفلسطيني على وجه الخصوص، داخل مقولة «الأغيار» حتى يصبح بغير ملامح أو قسمات.
وتظهر مقولة «الأغيار» هذه في وعد بلفور (أهم الوثائق الصهيونية) حيث أشار إلى العرب (الذين كانوا يشكلون أكثر من حوالي ٩٣% من مجموع السكان) على أنهم الجماعات غير اليهودية، دون تحديد هذه الجماعات أو ذكر اسمها، حتى تظل هذه الجماعات عند مستوى عال من التجريد. إن هذه الجماعات غير اليهودية هي أية جماعة إنسانية تشغل الأرض التي سيستوطن فيها الشعب اليهودي. وبينما كان هرتزل يتفاوض بشأن كريت موقعاً للاستيطان الصهيوني كتب عن الجماعات غير اليهودية التي تقطنها بطريقة تنم عن عدم الاكتراث والتجريد، فقد وصفهم بأنهم "عرب، يونانيون، هذا الحشد المُختلَط من الشرق".
أما تشرنحوفسكي، في قصيدته «وقت الحراسة» التي كتبها في تل أبيب عام ١٩٣٦، فلم يُكلِّف خاطره الإشارة إلى العرب، بل يتحدث عن الأغيار فحسب، بوصفهم رجال الصحراء المتوحشين، وهم بهذا، يصبحون شيئاً عاماً مجرداً خالياً من القداسة، وجزء من الطبيعة يَسهُل التعامل معه واصطياده وإبادته.