تعاونت أجنحة الصهيونية كافة في مرحلة ما قبل ١٩٤٨ على إنجاز العنصر المُتضمَّن في الصيغة الصهيونية الأساسية، أي التخلص من السكان الأصليين وتغييبهم. وثمة أدبيات ثرية في هذا الموضوع توثق النية الصهيونية المبيتة لطرد العرب، وتبين الطرق المختلفة التي لجأت إليها قوات المستوطنين لطرد الفلسطينيين (ولسحق مقاومتهم سواء قبل ١٩٤٨ أو بعدها أو قبل الانتفاضة أو بعدها) . وقد علَّق حاييم وايزمان بأن خروج العرب بشكل جماعي كان تبسيطاً لمهمة إسرائيل ونجاحاً مزدوجاً: انتصاراً إقليمياً وحلاًّ ديموجرافياً نهائياً، بمعنى أن الأرض تم الاستيلاء علىها وتم تفريغها من سكانها حتى يتسنى للشعب الذي لا أرض له أن يهاجر إليها ويستوطنها.
ولكن وايزمان كان مخطئاً في نبوءاته متعجلاً فيها، فالأرض لم يتم تفريغها تماماً من سكانها، فقد بقيت أقلية من العرب آخذة في التزايد. وقد لجأت دولة المستوطنين الصهاينة إلى اتخاذ إجراءات قانونية للضرب على يد هذه الأقلية العربية وتكبيلها. ولم يكن ذلك أمراً عسيراً إذ أنها ورثت فيما ورثت خاصية اليهودية باعتبارها خاصية رئيسية ومحورية تسم اليهود الذين تقوم على خدمتهم مجموعة من المؤسسات الاستيطانية المقصورة عليهم. وبصدور قانون العودة في يوليه ١٩٥٠، تحوَّلت خاصية اليهودية هذه إلى مقولة قانونية تمنح صاحبها حقاً تنكره على غير اليهود. ويمنح هذا القانون بشكل آلي جميع اليهود في العالم حق الهجرة إلى فلسطين والاستيطان فيها. وقد جاء في القانون أن من حق كل يهودي أن يأتي إلى إسرائيل كمهاجر، وأن تُمنَح تأشيرة لكل يهودي يعرب عن رغبته في الاستقرار في إسرائيل. وهكذا أصبح من حق أي يهودي، حتى وإن لم تطأ قدماه أرض فلسطين من قبل، أن يستقر في إسرائيل، بينما الفلسطيني الذي وُلد ونشأ في فلسطين ويريد العودة إلى وطنه لا يتمتع بهذا الحق وتُحرِّم عليه العودة.