وتبدَّى عنصرا الجماعية والأمن باعتبارهما أهم أسس الاقتصاد العمالي في تنظيم الكيبوتس على أسس شبه عسكرية لتفريخ المُستوطن المقاتل، وقد تم تأسيس الهاجاناه بعد تأسيس الهستدروت بعام واحد، وتم تدريب عشرات الآلاف من أعضائها. ثم تأسست بعد ذلك قوتها الضاربة البالماخ عام ١٩٤١ لتأدية المهام الصعبة. وكان معظم أعضائها مرتبطين بالكيبوتس، وخصوصاً تلك الكيبوتسات التابعة للحزب الصهيوني ذي الديباجة اليسارية: المابام. وكانت الهاجاناه ضمن مسئولية الهستدروت، وضباطها في معظمهم مسئولون فيه، واعتبرت بمنزلة الجناح العسكري للمجتمع الجديد لتقوم بمهام الحماية وتوفير الأمن للاقتصاد الاستيطاني العمالي.
الاقتصاد الاستيطاني الصهيوني في فلسطين المحتلة بعد عام ١٩٤٨
Zionist Settler Economy in Occupied Palestine after ١٩٤٨
لم يختف الهاجس الأمني (الاستيطاني) بطبيعة الحال بعد عام ١٩٤٨، بل ربما ازداد حدة. وقد تطلَّب هذا استمرار الصيغة الجماعية (التعاونية العمالية) وتهميش الاعتبارات الاقتصادية وتخصيص موارد اقتصادية هائلة لحراسة الحدود لضمان استمرار السيطرة الصهيونية على الأرض والسكان الأصليين واستيعاب المهاجرين الجدد وإعادة تأهيلهم وإتمام المشروع الصهيوني بما يتطلبه من تَوسُّع جغرافي ومحاولة التوصل إلى الحدود الآمنة بشكل نهائي وتحديث الجيش الإسرائيلي وتزويده بكل الأسلحة التي يحتاجها وبناء صناعة سلاح ذات تكنولوجيا عالية متطورة.
وقد تمكنت الأحزاب العمالية من تأسيس نظام اقتصادي تقوم فيه الدولة بالإشراف والتخطيط المركزي الذي يشمل مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية كافة، كما أنها تشرف على كل مجالات النشاط الاقتصادي عَبْر سياساتها الضريبية والنقدية والمالية، وعَبْر سياسة التشجيع والدعم حتى أنه يمكن القول بأن دور الدولة في الاقتصاد الإسرائيلي أكبر من دور أية دولة أخرى في اقتصادها، عدا الدول الشيوعية.