أ) يتم في المرحلة الأولى توليد منظومات أخلاقية مادية (اشتراكية أو رأسمالية) يؤمن بها الإنسان الرأسمالي أو الاشتراكي. وهو على استعداد للموت من أجلها. وهو ما يعني أن النزعة الطوباوية والأحلام المثالية بالحرية والإخاء والمساواة والهيمنة الإمبريالية وإرادة القوة ذات فعالية. ويشعر الإنسان من ثم بأنه قادر على التحكم في حياته ومصيره وعلى صياغة بيئته وذاته في ضوء المثل الأعلى الذي يؤمن به. ويتم ضبط الحياة من خلال إعلاء الرغبات (وكبتها أو قمعها) وإرجاء الإشباع واللذة. وتبدأ عملية تآكل الأسرة (فتختفي الأسرة الممتدة لتحل محلها الأسرة النووية التي تبدأ في التفكك هي الأخرى) ، إلا أن الأسرة تظل مع هذا هي الوحدة الأساسية في المجتمع التي يتم من خلالها توصيل القيم إلى الأفراد وتحويلهم إلى مواطنين وكائنات اجتماعية. كما يتم إعلاء الرغبات باسم المثل الأعلى داخل إطار الأسرة. وتظهر حركة تحرير المرأة التي تطالب بإعطاء المرأة حقوقها باعتبارها عضواً في المجتمع، تقوم بدورها كأم وكأداة عاملة. ويؤدي تنميط السلع إلى تنميط الحياة وترشيدها، كما يؤدي استخدام السيارة إلى تَسارُع وتيرة الحياة. ويُلاحَظ اتساع رقعة الحياة العامة وضمور رقعة الحياة الخاصة وبداية تدويل أسلوب الحياة وتَراجُع اللون المحلي (انتشار الهامبورجر والتيِّشيرت والبلوجينز وأمركة الغرب والعالم والولايات المتحدة، باعتبار أن الأمركة هي أسلوب في الحياة يعادي الخصوصيات الثقافية وضمنها الخصوصيات الأمريكية نفسها) . ومع هذا، يظل إحساس الإنسان بأنه قادر على التحكم في حياته ومصيره وفي صياغة بيئته وذاته، ويظل هناك وهم الخصوصيات الإثنية والقومية. ويلاحَظ تصاعد عملية علمنة التعليم والرموز والأحلام والرغبات، ومع هذا تظل الأحلام والرموز القديمة ذات فعالية. ولا يزال النظام التعليمي مُتأثراً بالمُثُل التقليدية (أهمية اليونانية واللاتينية ودراسة الفلسفة