ولكن الحاخام تسفي كوك، زعيم جوش إيمونيم الروحي، حسم المسألة تماماً حينما طرح المسألة برمتها داخل الإطار الحلولي وقال:"إن الجيش الإسرائيلي هو القداسة بعينها"، فكأن هذا الجيش هو مركز الحلول الإلهي في الكيان الصهيوني والتعبير المتبلور عن إرادة الثالوث الحلولي. ولذا فليس غريباً أن يصرح بن جوريون بأن خير مفسر للتوراة هو الجيش الإسرائيلي، فهو الذي سيقرر حدود إرتس يسرائيل، وهو وحده الذي سيضع حداً للتوسعية الصهيونية. وقد صرح أفنيري بأن ما يحدد حدود الأرض الآن ليس الوعد الإلهي، وإنما قوة إسرائيل العسكرية الذاتية على أن تقوم المؤسسة الدينية باقتباس الديباجات الدينية اللازمة بعد الفعل.
ومما هو جدير بالذكر أن اللغة العبرية الحديثة لا تعرف كلمة «فلسطين» . وهذا يتفق مع التصور الديني اليهودي الذي يرى أن الأرض لا وجود لها إلا بالإشارة إلى اليهود والتاريخ اليهودي. ولهذا، فكلما أشار يهودي إلى فلسطين، فإنه إنما يشير إلى «إرتس يسرائيل» . والواقع أن هذا المفهوم الديني الحلولي هو أساس بعض الشعارات الصهيونية مثل «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض» ، باعتبار أن الأرض هي إرتس يسرائيل التي حلَّ فيها الإله، ومن ثم فلا وجود حقيقياً لها إلا بالإشارة إلى الشعب اليهودي المقدَّس الذي لا يستطيع أن يحقق ذاته إلا في هذه الأرض المقدَّسة، ومن ثم فإن وجود اليهود في بلاد العالم المختلفة واستقرارهم فيها ليس وجوداً أو استقراراً وإنما هو غياب وتجوال.