للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع تناقُص معدلات الهجرة اليهودية إلى إسرائيل وزيادة معدلات النزوح إلى الخارج، ومع اندلاع الانتفاضة وفشل الصهاينة في قمعها، ظهرت نواة داخل الكيان الصهيوني ترى أن التوسع وضم الأراضي قد يضر بطبيعة الدولة اليهودية لأن الأراضي العربية تأتي معها كثافة عربية سكانية. ومن هنا ظهر التناقض بين الصهيونية السكانية (أو الديموجرافية أو السوسيولوجية) من جهة، ومن جهة أخرى صهيونية الأراضي. ويرى أنصار الصهيونية السكانية أنه لابد من الفصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهو ما يعني وقف المشروع الصهيوني التوسعي، والسماح بقدر من الحكم الذاتي الفلسطيني يساهم في واقع الأمر في عزلهم عن الإسرائيليين ويحتوي القنبلة الديموجرافية المتوقعة. إزاء ذلك تم طرح مشروع آلون كنموذج لسائر المشاريع الصهيونية التي كانت تسعى وراء حل وسط يجمع بين الحد الأقصى من "الأمن" و"الأرض" والحد الأدنى من السكان الفلسطينيين العرب الذين يعيشون تحت الحكم الإسرائيلي بحيث تتم إقامة حكم ذاتي للفلسطينيين في بعض مناطق الضفة الغربية وغزة، وتسلَّم المناطق الآهلة بكثافة سكانية عربية إلى إدارة عربية.

ويُعتبَر اتفاق أوسلو (سبتمبر ١٩٩٣) تطبيقآً لفكرة منح الفلسطينيين حكماً ذاتياً في الضفة وغزة مع نمو اتجاه متزايد داخل إسرائيل نحو الفصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، عن طريق عزل الفلسطينيين في "كانتونات" مُحاصَرة بالمستوطنات والطرق الالتفافية التي تحميها القوات العسكرية الإسرائيلية. وعلى الرغم من هذا يمكن القول إن اتفاقية أوسلو قد فرضت حدودا على الدولة الصهيونية لأول مرة فى تاريخها.

<<  <  ج: ص:  >  >>