العلاقة الكولونيالية بين الدولة المستعمرة والدولة المستعمَرة علاقة غير متكافئة إذ تقوم الدولة المستعمرة بما تملكه من قوة عسكرية، بنهب الدولة المستعمَرة واستغلال ثرواتها وقدراتها الاقتصادية. وتشمل عملية النهب الاستعماري استغلال المواد الخام والثروات الطبيعية والطاقات البشرية، وبخاصة الأيدي العاملة، واعتبار البلد المستعمَر سوقاً لتصريف المنتجات والبضائع الفائضة عن حاجة الدولة المستعمرة. وتؤدي هذه العملية إلى تشويه اقتصاد البلد المستعمَر وإضعاف هياكله الإنتاجية ليصير في حالة تبعية كاملة لاقتصاد البلد المستعمر يستحيل عليه الفكاك منها.
والاستعمار الصهيوني للأراضي العربية الفلسطينية نموذج بيِّن وكاشف لطبيعة هذه العلاقة الكولونيالية، علاوة على أنه استعمار استيطاني قائم على نَقْل اليهود من جميع أنحاء العالم إلى الأراضي المحتلة ليستنزفوا ثرواتها وإمكاناتها الاقتصادية على حساب سكانها العرب الأصليين، الذين يتم طردهم والاستيلاء على أرضهم وموارد المياه الخاصة بهم أو محاصرتهم في معازل، واستغلال طاقتهم البشرية كعمالة رخيصة وسوق مضمونة، مفتوحة أمام البضائع الإسرائيلية. وقد استهدفت السياسة الاقتصادية الإسرائيلية الحيلولة دون إمكانية قيام اقتصاد فلسطيني معتمد على نفسه.
وقد تمكَّنت إسرائيل من إخضاع اقتصاديات الضفة الغربية وغزة بسبب سيطرتها العسكرية والمؤسساتية من جانب، ولكون اقتصادها أكبر حجماً وأقوى من الاقتصاد الفلسطيني من جانب آخر، فسنَّت من القوانين ما يكفل لها الهيمنة والسيطرة على الاقتصاد الفلسطيني، حيث تجري الحياة الاقتصادية في ظل الاحتلال تحت قيود صارمة. فالحكومة الإسرائيلية تسيطر على الموارد الأساسية والبنية التحتية في مجالات الأرض والمياه والكهرباء والطرق وأنظمة الاتصالات.