للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حدث تحوُّل في اللهجة الصهيونية مثَّله بعض قادة حزب العمل واليسار الإسرائيلي مثل شيمون بيريز ويوسي بيلين ويوسي سريد. حدث هذا التحول في اتجاه التخلي عن نظرية "الحدود الجغرافية" واستبدال نظرية "الحدود الاقتصادية" بها، ويعود هذا التحوُّل إلى استنتاجهم أن القدرة على احتلال المزيد من الأرض العربية غير ممكن بدون التكلفة الباهظة للاحتلال المستمر وامتلاك الأقطار العربية أسلحة تهدد الأمن الإسرائيلي من جهة، ولعجزها عن إسكان الأراضي المحتلة بالمستوطنين اليهود من جهة أخرى. في ظل عجزها عن توفير الأمن لهم أولاً، ومتطلبات الحياة الاستيطانية ثانياً.

إن الظروف الذاتية والموضوعية تستلزم استبدال نظرية مشروع "إسرائيل الكبرى" جغرافياً بمشروع "إسرائيل العظمى" اقتصادياً وسياسياً وتكنولوجياً بحيث يستطيع النفوذ والسيطرة الاقتصاديين أن يحققا الأهداف الصهيونية بصورة أكثر رسوخاً وأطول عمراً، وأقل كلفة وخسارة بشرية. أما مشروع إسرائيل الكبرى جغرافياً عندما يضم الفلسطينيين فإن جسمها يتلوث وتظل حبلى بالمشاكل والاضطرابات، وتبقى عرضة للمجابهات المسلحة مع الجيران، وللتوتر في علاقاتها الدولية وللأوضاع الاقتصادية المتقلبة ولانخفاض عدد المهاجرين إليها. فالطريق إلى إسرائيل الكبرى يمر عبر الحروب والمجابهات العسكرية، أما الطريق إلى "إسرائيل العظمى" فيمر عبر الدبلوماسية والتلويح بالقوة، فإسرائيل العظمى تظل محتفظة بتفوق عسكري نوعي قائم بالأساس على الرادع النووي.

<<  <  ج: ص:  >  >>