ولعل أكثر ما يميِّز النظام السياسي الإسرائيلي هو المركزية القومية رغم الشكل الديموقراطي البرلماني، فالنظام السياسي وضع قيوداً على الديموقراطية وحدد قواعد اللعبة الديموقراطية التي لا يمكن تجاوزها، وذلك من حيث أساليب التنافس السياسي وموضوعات النقاش والفئات التي يُسمَح لها بأن تشارك فيه.
وقد ركزت الحكومة المركزية في إسرائيل مصادر القوة في أيديها فاستولت على موارد اقتصادية هائلة متمثلة في تدفقات الأموال من الخارج، سواء من الحكومات الغربية أو تبرعات الدياسبورا، كما استولت على ممتلكات الفلسطينيين، وقننت الاستيلاء على أراضيهم. وتمتلك الدولة ٩٤% من الأراضي الفلسطينية وجميع الثروات الطبيعية، وأقامت الدولة الاستيطانية نظاماً اقتصادياً مركزياً واقتصاداً مختلطاً يقوم على ثلاث قطاعات هي الحكومي والهستدروتي والخاص، وتقوم الدولة بتمويل المشاريع الاقتصادية بصورة مباشرة. وتفرض الدولة سيطرتها على وسائل الإعلام والنظام التعليمي، ويخضع نظام التعليم لسيطرتها.
وتَبرُز خصائص النظام الاستيطاني في عناصر أخرى مثل الازدواجية في علاقة النظام بالسكان حيث الانفصام الداخلي بين العلاقة مع المستوطنين والعلاقة مع السكان الأصليين. وإذا كانت العنصرية تُمارَس بشكل غير قانوني في كل المجتمعات البشرية، فالمجتمعات الاستيطانية تقنن للعنصرية وتجعلها إطاراً مرجعياً، لأن المساواة تهدد وجود النظام الاستيطاني. ولذا نجد أن مقولة «يهودي» مقولة قانونية في النظام السياسي والاجتماعي الإسرائيلي، والأرض ملكية خالصة للشعب "اليهودي"، وقانون "العودة" يسمح "لليهود" وحدهم بالعودة، وهكذا.