للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتبرز طبيعة النظام السياسي الاستيطاني في إسرائيل وفي اعتماده سياسة التمييز العنصري ضد السكان الأصليين. فالتشريع السائد في النظم الاستيطانية يتحكم في نطاق المشاركة السياسية عند المنبع، بالتحكم في الشرط الجوهري فيه والمتمثل في المُواطَنة، حيث توجد قيود رئيسية تحول بين أصحاب الأرض الأصليين من العرب وتَمتُّعهم بحق المواطنة على أراضيهم. فالشكل الديموقراطي للنظام وراءه أيديولوجية استيطانية استعمارية هي الصهيونية التي تحدد حدود الدولة على نحو لا يرتبط بالرقعة الجغرافية التي تحتلها الدولة، فتعتبرها دولة اليهود، لا دولة المواطنين المقيمين فيها. فالدولة الصهيونية أداة للتعبير عن القومية اليهودية، وهو ما يعني حرمان العرب، أصحاب الأرض الأصليين، من حقوق المواطنة. وهذا ما تكرسه التشريعات والقوانين من ذلك قانون العودة عام ١٩٥٠، وقانون الجنسية عام ١٩٥٢، والسياسة التربوية التي وضعت عام ١٩٥٣ والتي تسعى إلى "تأسيس التربية الابتدائية في دولة إسرائيل على قيم الثقافة اليهودية، واكتساب العلم، وحب الوطن، والولاء للدولة والشعب اليهودي" والسياسة المتعلقة بملكية الأرض والمبنية على استملاك اليهود للأرض وتجريد السكان الفلسطينيين من أراضيهم عبر تجميد ملكية الأراضي ومصادرة الأراضي عبر سلسلة من القوانين الجائرة لتمليكها لليهود.

ولعل من أكثر الأمثلة تبلوراً ووضوحاً على التناقض الجوهري بين ادعاءات الديموقراطية والممارسات العنصرية الاستيطانية ما يحدث في الكيبوتسات (الاشتراكية) .فلكي ينتمي المواطن الإسرائيلي لأي كيبوتس لابد أن يكون يهودياً لأن الكيبوتسات توجد على أرض مملوكة للدولة اليهودية ولذا على غير اليهودي الذي يود الانتماء لكيبوتس أن يتهود (حتى لو كان أعضاء الكيبوتس ملحدين) . وقد طورت دار الحاخامية الرئيسية وسائل "ديموقراطية" لتسهيل عملية التهود.

<<  <  ج: ص:  >  >>