ما الذي أتى بنتنياهو إلى سدة الحكم في الدولة الصهيونية عام ١٩٩٦؟ للإجابة على هذا السؤال لابد أن نحيط بالقضية إحاطة كاملة وأن نأتي بمركب من الأسباب، لأن الإجابة أحادية البُعد لن تفي بالغرض، رغم أنها قد تكون مريحة للغاية.
١ - لا يمكن في البداية تجاهل الأسباب الإجرائية، أي تغيير طريقة الانتخاب ذاتها، فنتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي يُنتخب بالاقتراع المباشر، وحسب طريقة الانتخاب المباشر هذه لا يمكن تنحية رئيس الوزراء إلا إذا وافق ٨١ عضواً في الكنيست (من مجموع ١٢٠ عضواً) على قرار عزله، على أن تُجرى انتخابات جديدة لرئيس الحكومة فقط خلال ٦٠ يوماً. ويمكن سحب الثقة من رئيس الحكومة ومجلس الوزراء بأغلبية ٦١ عضواً في الكنيست على أن تُجرى انتخابات برلمانية جديدة خلال ٦٠ يوماً (وهذا الإجراء الأخير لا يتطلب بالضرورة استقالة رئيس الوزراء) . ولذا يرى البعض أن النظام السياسي الإسرائيلي أصبح نظاماً شبه ديكتاتوري، قزَّم الأحزاب والكنيست. وكان الهدف الذي ترمي إليه الأحزاب الكبيرة (العمل والليكود) التي مررت القانون الخاص بالانتخاب المباشر هو تحييد الأحزاب الصغيرة وتقوية رئيس الوزراء (في ظل التراجع المتزايد في قوة الحزبين الكبيرين) . كان هذا هو الظن، ولكن الذي حدث هو العكس تماماً. فالأحزاب الصغيرة ازدادت قوة، وخصوصاً أن رئيس الوزراء أصبح غير مسئول أمام هيئة حزبه أو البرلمان، الأمر الذي جعله «حراً» من حزبه. ولكن في الوقت نفسه «أكثر اعتماداً» على الأحزاب الصغيرة، التي تشكل القوة الجديدة في المجتمع (من ٦٨ مقعد في الكنيست، يستند إليها نتنياهو، هناك ٣٦ مقعد للأحزاب الصغيرة: ١٠ منها لشاس، و٩ للحزب الديني القومي، أي أن أكثر من النصف في حزبين اثنين، وهما حزبان دينيان) . وهذه الأحزاب الصغيرة سعيدة جداً بهذا الوضع ولا تريد عقد انتخابات أخرى بعد أن حققت هذا النصر، وبعد أن وقع رئيس الوزراء في قبضتها.