٢ - لابد من الإشارة إلى ما سماه يهوشفاط هركابي «أعراض بركوخبا» وهي الحالة العقلية للإسرائيليين في مواجهة الأزمات. وقد توجَّه كثير من المفكرين الإسرائيليين إلى قضية الشخصية الإسرائيلية إبَّان الانتفاضة المباركة. وقد بعث بعض هؤلاء قضية عجز اليهود وافتقارهم للسلطة وذهبوا إلى أن الإسرائيليين، بل الشعب اليهودي بأكمله، يفتقرون إلى تقاليد الدولة، أي ممارسة الحكم (وهذا يعني افتقارهم إلى الحس التاريخي) ، ويتسمون برفض معطيات الواقع دون أن يدركوا أن العدو له إرادة لابد أن تؤخذ في الحسبان، ويضعون سياستهم بشكل مجرد، حسب الاحتياجات الصهيونية وكأنهم يعيشون في فراغ [الأسطورة المعادية للتاريخ] ويتجاهلون النظام العالمي والأمن ومتطلباتهما من الآخرين. وكل هذا نابع من ضيق أفق يتعارض مع التاريخ.
٣ - إسرائيل لم تعرف نفسها كمجتمع حرب ولا تعرف نفسها كمجتمع سلام ولا تريد أن تدفع مقابلاً للسلام وتدور في إطار الأسطورة التوراتية (كما يقول الأستاذ محمد حسنين هيكل في الجزء الثالث من كتابه المحادثات السرية) . وكما يقول نتنياهو نفسه:"لقد انتخبني أغلبية الناخبين الإسرائيليين"، هل جنوا فجأة إذن؟ لو كانوا سعداء بأوسلو لما فعلوا ذلك. فأوسلو تحوي داخلها جرثومة هلاكها، فهي لا تمنح الإسرائيليين لا السلام ولا الأمن.