وأول أهداف السياسة الإسرائيلية في الأعوام القادمة هو بلقنة المنطقة العربية. فالقناعة الإسرائيلية هي أنها لن يحميها في الأيام القادمة إلا تجزئة الدول العربية، أي ضمان أمني أو اتفاقية مع الدول العظمى لتكون لها قيمة. فهي تعلم أنه في الأمد البعيد إذا ظل الوضع على ما هو عليه، فإن الولايات المتحدة سوف تنتهي بأن تجد مصالحها مهددة في المنطقة. وهي كدولة عظمى لا تستطيع أن تضحي بمصالحها كليةً لحساب دولة أياً كانت أهميتها العاطفية، كذلك فإن الجانب العربي في طريقه لأن يضع حداً للتخلف الذي يفصله عن إسرائيل. وقد أثبتت مصر قدرتها على ذلك. ومصر في الأمد البعيد سوف تعود إلى الصف العربي لأنها تعلم أن هذا هو انتماءها. ومن ثم ولضمان أمنها ليس أمامها سوى تفجير العالم العربي وتحويله إلى العديد من الكيانات ذات الطابع الطائفي أو الديني. مثل هذا التفجير سوف يسمح لإسرائيل بتحقيق هدفين في آن واحد: من جانب سوف تجد تبريراً لها في عالم يسوده مفهوم الدولة الطائفية، فإسرائيل نفسها ليست دولة علمانية وهي من ثم سوف تخلق التجانس بين منطق وجودها والمنطق السياسي الذي سوف يسود المنطقة في تلك اللحظة، وهي من جانب آخر سوف تلهي القيادات لمدة خمسين عاماً في خلافات محلية حول الحدود والأطماع المتعلقة بالممرات المائية والثروات البترولية وما عداها. وفي خلال ذلك تستطيع أن تؤمن لنفسها التطور الذي سوف يسمح لها بأن تحقق أهدافها البعيدة المدى والمتعلقة بالسيطرة الكاملة والتحكم في المنطقة الممتدة من المحيط الهندي حتى المحبط الأطلسي.