للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت اليهودية كنسق ديني في أوائل القرن التاسع عشر مع ظهور المجتمع الحديث في أوربا في حالة أزمة عميقة، إذ يبدو أنها تجمدت وتحجرت بحيث أصبح من العسير عليها أن تتطور. وقد ظهرت الصهيونية وطرحت نفسها على أنها ستحل محل اليهودية كمصدر للهوية، بحيث تصبح اليهودية انتماءً إثنياً بالدرجة الأولى (على طريقة المشروع القومي في الغرب) ، ولكن هذه الإثنية اليهودية لا تستند إلى تراث تاريخي طويل كما هو الحال مع الهويات الغربية كالفرنسية والإنجليزية، وإنما تستند إلى التراث الديني اليهودي، كما تستند إلى اعتذاريات، هي في جوهرها مطلقة مستمدة من المنطق الديني مثل حق اليهود الأزلي في أرض الميعاد. ولذا من الممكن أن نجد شخصاً ملحداً موغلاً في الإلحاد مثل بن جوريون يقتبس التوراة بل يقوم بتفسيرها. وقد استولى الصهاينة على الخطاب الديني اليهودي بكل ما فيه من إطلاق ديني، فهم علمانيون شاملون وليسوا جزئيين، باعتبار أن العلمانية الجزئية تفترض التعددية والنسبية. وهذا الفريق العلماني الشامل هو الذي أسَّس المنظمة الصهيونية العالمية، وهو الذي شيَّد المستوطن الصهيوني. وأهم ممثل له المؤسسة العمالية في إسرائيل بأحزابها ومستوطناتها وتنظيماتها.

٤ ـ العلمانيون الجزئيون (أو الإنسانيون)

وهذا فريق صغير من اليهود الذين يرفضون الدين اليهودي، ولا يقبلون الصهيونية، أو يقبلون صيغة صهيونية يمكن تصنيفها على أنها صيغة علمانية جزئية، بمعنى أنها لا تبحث عن مسوغات لنفسها في الدين اليهودي ولا تخلع على نفسها أيَّ إطلاق ومن ثم فهي تقبل بقدر من المشاركة من العرب. وأهم من يمثل هؤلاء في إسرائيل جماعات صغيرة وشخصيات هامشية مثل حركة حقوق المواطن وأوري أفنيري وآربيه إلياف وشالويت ألوني.

<<  <  ج: ص:  >  >>