أمام هذا الوضع يفضل الجيش الإسرائيلي أن يستبعد مثيري المشاكل ويتركهم وشأنهم حتى لا تُثار القضية وحتى لا يناقشها الرأي العام (من أبطال التهرب من الخدمة العسكرية أفيف جيفين، ابن شقيقة موشي ديان، وهو من أشهر المغنين الشباب في إسرائيل ويُقال إنه يشبه في ملامحه وحركاته مايكل جاكسون. وقد ظهر قبل سنوات في التليفزيون وهو يتحدث عن كيفية حصوله على الإعفاء من الخدمة لأسباب نفسية. وقد انتهى به الأمر إلى الهجرة إلى بريطانيا بعد أن تقدم بطلب مسبب للهجرة ذكر فيه أنه يهاجر بسبب «سرطان الاحتلال» ) .
إن كل هذه الظواهر تدل على مدى عمق الأزمة الصهيونية، فجيش الدفاع الإسرائيلي هذا، وصورته التي يذيعها عن نفسه، لبنة أساسية في العقد الاجتماعي الصهيوني، وسند أساسي لشرعية الصهيونية سواء في علاقة المجتمع الصهيوني مع نفسه أو علاقته مع العالم الخارجي. واهتزاز الصورة هو اهتزاز الأُسس المهمة للشرعية.
ولكن من المفارقات التي تستحق التسجيل والملاحظة، أن هذا الجيل الجديد الذي يفر من الخدمة العسكرية ولا يكترث بها، هو جيل "أكثر عسكرية" كما يقول أفنيري شاليط (أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العسكرية) . ففي الأيام الأولى للاستيطان، كما يقول شاليط، كان الشعار السائد هو "فلتطلق النار ثم تذرف الدمع"، فالحرب كانت مفروضة على أبناء الجيل القديم (هكذا كان المستوطنون يظنون) ، ولم تكن الحروب حروب اختبار. والحرب، كما كان الجميع يعرف، شيء رهيب. أما أعضاء الجيل الجديد، فقد خاضوا «حروب اختيار» كثيرة (غزو لبنان - قمع الانتفاضة) ، أي حروب تمت بملء اختيار الإسرائيليين.