ومن خصائص هذا الجيل أن أعضاءه لم يشعروا قط بالعداء للسامية، أي بالعداء لليهود (ومع هذا فهم جيل أكثر ميلاً لليمين) . وقد نُشر مقارنة بين الشباب الألمان والشباب الإسرائيلي، وتبين أن الشباب الإسرائيلي أكثر عنصرية تجاه الأجانب من الألمان، وهم لا يهتمون بما يُسمَّى «عقلية المنفى» بل لا يفهمون يهود المنفى (أي يهود العالم) ولا يفهمون لغتهم أو خطابهم أو شكواهم. والمفارقة الناجمة عن هذا أن كثيراً من القضايا التي تهم يهود المنفى لا تهم أعضاء هذا الجيل من قريب أو بعيد. فهم لا يكترثون باليهودية أو هيمنة الأرثوذكس على أمور الدفن والطلاق والزواج والتهويد (فهم علمانيون شاملون عالميون، لا يهتمون بالقضايا المحلية ولا يكترثون بمثل هذه الأمور)
وقد اتهم نتنياهو اليساريين بأنهم نسوا "معنى أن يكون المرء يهودياً"(عبارة همس بها رئيس الوزراء في أُذن أحد الحاخامات) . ولكن هل يعرف جيل نتنياهو معنى اليهودية؟ هل تعني اليهودية شيئاً له؟ إن تصور أن التجمُّع الصهيوني أصبح «أكثر يهودية» و «أكثر تقليدية» بظهور نتنياهو، هو - في رأينا - تصور خاطئ. فهو في واقع الأمر قد أصبح «أكثر انغلاقاً» دون أن يصبح أكثر تقليدية أو تديناً، والربط بين الواحد والآخر ليس بالضرورة له قيمة تفسيرية كبيرة. فما يحدث في التجمع الصهيوني، ليس محاولة للعودة للتقاليد بالمعنى المتعارف عليه، وإنما هي محاولة أعضاء هذا التجمُّع أن يجدوا جذوراً لهم «روتس roots» تبرر لهم وجودهم، وأرضية صلبة يمكنهم الوقوف عليها (وهو أمر شائع في كل المجتمعات الاستيطانية) . ولذا قال كثير من المعلقين إن انتخابات ١٩٩٦ لم تكن انتخابات خاصة بـ «المصالح السياسية»(الاجتماعية والاقتصادية) وإنما كانت انتخابات خاصة بالهوية (وهو قول قد لا نتفق معه، ولكننا نقتبسه بسبب دلالته) .
تقويض الأيديولوجية الصهيونية من خلال الاستهلاكية (والأمركة والعولمة والخصخصة والعلمنة)